للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فغشي عليه، وسقطت اللقمة من يده، فلم يفق إلا بعد طلوع الفجر، فمكث بذلك سبعاً، لا يطعم شيئاً، كلما قرب إليه طعام، عرضت له الآية، فيقوم ولا يطعم شيئاً، فاجتمع إليه أصحابه، فقالوا سبحان الله! تقتل نفسك؟ ! فلم يزالوا به حتى أصاب شيئاً.

وبإسناده عن محمد بن سويد، قال: كان لطاووس طريقان إذا رجع من المسجد، أحدهما فيه رواس، وكان يرجع إذا صلى المغرب، فإذا أخذ الطريق الذي فيه الرواس لم يتعش، فقيل له، فقال: إذا رأيت الرؤوس كالحة لم أستطع الأكل.

وذكر مالك بن أنس هذه الحكاية، عن طاووس، قال مالك: يعني لقول الله تعالى:

{وهم فيها كالحون} .

وروى ابن أبي الدنيا أيضاً بإسناده عن عبد الله بن عمر أنه شرب ماء بارداً فبكى واشتد بكاؤه، فقيل: ما يبكيك؟ فقال: ذكر آية من كتاب الله قوله:

{وحيل بينهم وبين ما يشتهون} .

فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئاً، شهوتهم الماء البارد، وقد قال الله تعالى:

{أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله} .

عن سلام بن أبي مطيع، قال: أتي الحسن بكوز من الماء، ليفطر عليه، فلما أدناه إلى فيه بكى، وقال: ذكرت أمنية وأهل النار وقولهم:

{أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله} وذكرت ما أجيبوا به

{إن الله حرمهما على الكافرين} .

وعن عبد الملك بن مروان، أنه شرب ماءاً بارداً، فقطعه وبكى، فقيل: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ ! قال: ذكرت العطش يوم القيامة، وذكرت أهل النار وما منعوا من ماء بارد الشراب، ثم قرأ:

{يتجرعه ولا يكاد يسيغه} .

وروى عبد الله بن الإمام أحمد، بإسناده عن إبراهيم النخعي، قال: ما

<<  <   >  >>