ودار العام، وتهيأ المسلمون سراً لموسم الحج، ونظموا من بينهم جماعة لتلقى الرسول وتؤكد البيعة. وكم كانت فرحة ابن أنيس عندما اختاروه من بين أفراد الوفد، فهو لم ير الرسول بعد، وكم تمنى أن يراه ويسمعه، بل كم طاف به خياله، فانتقل به إلى مكة وحوم به حول الكعبة يبحث عن الرسول الحبيب، فكان هذا يزيده شوقاً إلى شوق ولهفة إلى لهفة!
وفي العقبة من منى اجتمع الوفد برسول الله، وحاذروا أن يراهم أحد أو يشعر باجتماعهم أهل منى، فأعطوا الرسول العهد والميثاق، وأدوا البيعة على نصرة الله ورسوله،
وأخذوا لأنفسهم من رسول الله ما يرضاه الله. وكان أهم ما فازوا به رسول الله يهاجر إلى مدينتهم، وينطلق منها بالدين الحق الى الناس أجمعين، يدعوهم ويبشرهم وينذرهم.
وكم كانت هذه اللحظات عظيمة عند عبد الله بن أنيس، خاصة عندما امتدت يده فالتقت بيد الرسول مصافحة معاهدة مبايعة، ما كان أروعها من لحظة، وما كان أسعدها من مناسبة.
وعاد الوفد إلى يثرب، وشمر عبد الله عن ساعد الجد، لقد انطوت صفحة الأمس بما فيها وفتحت صفحة جديدة مشرقة. وأخذ عبد الله يزور أهل يثرب، من عرف منهم ومن لم يعرف، يدعوهم ويبصّرهم وينصحهم، فيسره إيمان