هكذا علّم الإسلام محمد بن مسلمة أن يعامل الناس وفاء بوفاء، وأن يقيل عثرات الكرام، فما أعظم ما يجنيه الناس من هذا الدين العظيم.
واستسلمت بنو قريظة، ونزلوا على حكم سعد بن معاذ، فتذكر سعد غدرهم وخستهم واستحضر وقاحتهم حين قالوا له: ومن رسول الله، لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد. . وتذكر ما كادوا ينزلونه بالمسلمين من إبادة لولا أن تداركهم الله برحمته، فحكم عليهم بالموت، وأقر الرسول هذا الحكم لأنه حكم العدالة الإلهية، فأمر عليه السلام أن يجمع رجالهم في ناحية، وأوكل أمر حراستهم إلى محمد بن مسلمة إلى أن نفذ فيهم حكم الله العادل.
* *
[العدو الألد:]
جن جنون يهود، فلم يبق في عقولهم متسع للتفكير المتزن، ولم يبق في قلوبهم مجال لغير الحقد والحسد فراحوا يعملون بكل ما لديهم لحرب الله ورسوله، وقام زعماؤهم وأحبارهم بحملة شرسة ضد الاسلام وأهله، فهم لم يكتفوا بأن يقفوا دون إيمان عامة يهود بالدين الحق، بل أوغروا قلوبهم عليه وجندوهم لحربه، ثم راحوا يستعدون قريشاً وعامة القبائل لحرب المسلمين، وأخذ شعراؤهم في هجاء المسلمين والتشبيب بنسائهم. .