للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا شَربَ فلا يشربْ نَفَسًا واحدًا"؛ هذا نهي تنزيه وأدب (١)، والحكمة فيه أنه إذا قطع شُربه بثلاثة أنفاس كان أهنأ وأبلغَ في ريّه، وأخفَّ لمعدته، وأحسنَ في الأدب، وأبعد من فعل أهل الشّره (٢).

قولها: "كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه، ويجعل شماله لما سوى ذلك"؛ ليس هذا على ظاهره، بل المراد: لطعامه وشرابه وثيابه وما كان في معناه مما هو نظافة أو زينة أو نحو ذلك: كالسواك (٣)، والاكتحال، والأخذ، والعطاء، ونحو ذلك (٤)، واليسرى لما سوى


(١) انظر: "مغني المحتاج" (٣/ ٢٢٠)، "حاشية الجمل على شرح المنهج" (٦/ ٥٢٢)، "آداب الأكل" (ص ٤٥) للأقفهسي، ونص عليه الحنفية والمالكية والحنابلة أيضًا. انظر: "الفواكه الدواني" (٢/ ٤١٥)، "الفتاوى الهندية" (٥/ ٣٤١)، "الإنصاف" (٨/ ٣٤٥)، "كشاف القناع" (٤/ ١٥٦).
(٢) زاد في "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٢٠٥): "وأما التنفس خارج الإناء، فسنة معروفة" قال: "قال العلماء: والنهي عن التنفّس في الإناء هو من طريق الأدب مخافة من تقذيره ونتنه، وسقوط شيء من الفم والأنف فيه، ونحو ذلك، والله أعلم".
وثبت في "صحيح مسلم" (٢٠٢٨) عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتنفس في الشراب ثلاثًا، ويقول: "إنه أروى، وأبرأ، وأمرأ"، والمراد: أنه كان يتنفس بين كل شربتين في غير الإناء، وانظر "شرح صحيح مسلم" للمصنف (١٣/ ٢٨٧).
(٣) وقع خلاف في الاستياك: هل هو بالشمال أم باليمين، والذي أراه -بعد دراسة وبحث- إن كان للنظافة كان باليسار، وإن كان لتطييب الفم، كان باليمين، وكلام العلماء في المسألة كثير، أوردته -ولله الحمد- في (شرحي) المسموع على "صحيح مسلم"، يسر الله وأعان على تحريره وتهذيبه والزيادة عليه لإعداده للنشر.
(٤) قال المصنّف في "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٢٠٥): "هذه قاعدة مستمرة في الشرع، وهي أنّ ما كان من باب التكريم والتشريف، كليس الثوب والسراويل، والخفّ ودخول المسجد، والسواك، والاكتحال، وتقليم الأظفار، وقصّ =

<<  <   >  >>