للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء: هذه إجارة فاسدة، والواجب فيها أجرة المثل، ويكون جميع سهم الغنيمة للمستأجر (١)، ويتأوّلون هذا الحديث على أنّه كان ذلك من باب المروءات والمواساة، فيعطيه البعير عاريّة، ويهدي له ذلك من غنيمته نصفها تبرعًا، وإن جرى شرط كان محمولًا على ملاطفة المستعير، لئلاّ يستحي من أخذه بلا عِوض، والله أعلم.

وأما نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن عقد اللحية، فذكر الخطابي (٢) وغيره فيه تأويلين:

أحدهما: أنه نهى عن عقدها لكونه من زِيِّ الكفار، وعادة بعض الأعاجم، وكانوا يعقدونها في الحرب وغيرها.

والثاني: أن المراد النهي عن معالجة الشعر ليتعقد ويتجعد؛ لأنه من زي أهل التَوضُّع (٣) والتأنيث (٤).


(١) هذا هو الظاهر؛ لأن المقاتل عليه تصرّف في قتال العدو تصرُّف الفارس بوجه صحيح على وفق الشرع، فوجب له سهمه، لعموم القرآن وظاهر السنة، وهذا قول ابن أبو القاسم وسحنون، وللشافعية قولان. وانظر بسط المسألة في "الذخيرة" (٣/ ٤٢٨)، "البيان والتحصيل" (٢/ ٥٦٩)، "البيان" للعمراني (١٢/ ٢١٤)، "المجموع" (٢١/ ٢٤١)، "مغني المحتاج" (٣/ ١٠٤)، والذي ذكرته هو الذي رجحه ابن المناصف في كتابه البديع: "الإنجاد في أبواب الجهاد" (٢/ ٤٢٦ - ٤٢٧ بتحقيقي)، فانظره فإنه مفيد غاية.
(٢) "معالم السنن" (٢/ ٢٧)، بالمعنى، ونقله عنه المصنف في "المجموع" (١/ ٢٩٢) أيضًا.
(٣) كذا جودها الناسخ: بفتح التاء المثناة وتشديد الضاد، وفي مطبوع "المعالم" و"المجموع" وفي "تاج العروس": (مادة وضع) (٢٢/ ٣٤٢): "الموضع: هو الرجل المطرح غير مستحكم الخلق، نقله الجوهري، زاد الصاغاني كالمخنث. ويقال: في فلان توضيع، أي: تخنيث" وفيه: "وفي الأساس": في كلامه توضيع، أي: تخنيث، وهو مجاز، من وضع الشجرة: إذا هصرها".
(٤) نقل ابن دقيق العيد في "الإمام" (٢/ ٥٦١) من "الدلائل في غريب =

<<  <   >  >>