وقال ابن عبد البر: " ... أما أبو زيد مولى عمرو بن حريث فمجهول عندهم، لا يعرف بغير رواية أبي فزارة، وحديثه عن عبد الله بن مسعود في الوضوء بالنبيذ منكر لا أصل له، ولا رواه من يوثق به، ولا يثبت". وقال ابن حبان: "أبو زيد يروي عن ابن مسعود ما لم يتابع عليه، وليس يدرى من هو، لا يعرف أبوه ولا بلده، والإنسان إذا كان بهذا النعت، ثَمَّ لم يرو إلا خبرًا واحدًا، خالف فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس والنَّظر والرَّأي؛ يستحق مجانبته فيها، ولا يحتج به". وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" وكلام الجوزقاني في "الأباطيل" (١/ ٣٣١). * الثانية: إنكار كون ابن مسعود شهد ليلة الجن كما في "صحيح مسلم" وغيره، وانظر: "دلائل النبوة" للبيهقي (٢/ ٢٢٨ - ٢٣٣)، "الهداية في تخريج أحاديث البداية" (رقم: ٥٩) و"نصب الراية" (١/ ١٣٩ - ١٤١، ١٤٣ - ١٤٧). * الثالثة: التردد في أبي فزارة، هل هو راشد بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له مسلم. وقيل: هما رجلان، وأنَّ هذا ليس براشد بن كيسان، وإنَّما هو رجل مجهول. وقد نقل ابن الجوزي في "التحقيق" (١/ ٢٣٠ - مع التنقيح) و"الواهيات" (١/ ٣٥٧) عن الإمام أحمد أنَّه قال: "أبو فزارة -في حديث ابن مسعود- رجل مجهول". وذكر البخاري أبا فزارة العبسي غير مسمى، فجعلهما اثنين. وفي كلٍّ هذا نظر، فإنه قد روى هذا عن أبي فزارة ستة -على اضطراب وقع بينهم فيه-، وبعض هؤلاء ثقات، انظر رواياتهم بتفصيل وتطويل في تحقيقي لـ "الخلافيات" (١/ ١٥٧ - ١٧٧)، والجهالة عند المحدثين تزول برواية اثنين فصاعدًا، فأين الجهالة بعد ذلك؟ نعم، إنْ كان المراد جهالة الحال، فصحيح كلامهم، ولعله المراد، وقد صرح ابن عدي -فيما سيأتي- أن أبا فزارة هو راشد بن كيسان، فإنْ صحَّ كلامه، فتزول هذه العلَّة. وقد تعقب محمد بن عبد الهادي في "التنقيح" (١/ ٢٣٣) ما نقله ابن =