للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد جمعت جمع تصحيح جوانبها ... والماء يجمع فيها جمع تكسير

ولقد أجاد ابن طباطبا في قوله (ومولده سنة ست وثمانين ومائتين ووفاته سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة) :

كم ليلة ساهرت أنجمها التي ... عرصات أرض ماؤها كسمائها

قد سيرت فيها النجوم كأنما ... فلك السماء يدور في ارجائها

أحسن بها بحراً إذا التبس الدجى ... كانت نجوم الليل في حصبائها

ترنو إلى الجوزاء وهي عريقة ... تبغي النجاة ولات حين نجاتها

تطفو وترسب في اصطفاق مياهها ... لا مستعان لها سوى أنمائها

والبدر يخفق وسطها فكأنه ... قلب لها قد ربع في أحشائها

ولا مزيد من الحسن على قول عبد الجبار بن حمد يس الصقلي يصف دوحة وأسوداً ترى بالماء (توفي المذكور سنة تسع وعشرين وخمسمائة) :

وضواغم سكنت عرين رياسة ... تركت خرير الماء فيه زئيرا

فكأنما غشى النضار جسومها ... وأذاب في أفواهها البلورا

أسد كأن سكونها متحرك ... في النفس لوجدت هناك مثيرا

وتذكرت قناتها فكأنما أقعت على أذنابها للشورى

وتخالها والشمس تجلو لونها ... ناراً وألسنها اللواحس نورا

فكأنما سلت سيوف جداول ... ذابت بلا نار فعدن غديرا

وكأنما نسج النسيم لمائه ... ردعا فقدر سرده تقديرا

وبديعة الثمرات تعبر نحوها ... عيناك بحر عجائب مسجورا

شجرية ذهبية شرعت إلى ... شجر يؤثر في النهي تأثيرا

قد صولحت أغصانها فكأنما ... قبضت بهن من الفضاء طيورا

وكأنما يأتي لوقع طيرها ... أن تستقل بنهضها وتطيرا

من كل ووقفة ترى منقارها ... ماء كسلسال اللجين نميرا

خرس يقلن من الفصاح فإن شدت ... جعلت تغرد بالمياه صفيرا

وكأنما في كل غصن فضة ... لانت فأرسل خيطها مجرورا

وتريك في الصهريج موقع قطرها ... فوق الزبرجد لؤلؤاً منثورا

وقال القاضي شهاب الدين بن فضل الله (مولده سنة سبعمائة، ووفاته سنة تسع وأربعين وسبعمائة) في ترجمة مجير الدين بن تميم (ووفاته سنة إحدى وثمانين وستمائة) وحكى: أنه جلس على بحيرة أشرقت سماؤها وطاف بكعبة المجلس ماؤها والشمس قد توسطت الظهيرة وأرخت ذوائب أشعتها الظفيرة واللجة قد نصبت في كل ناحية حباله وتناومت عينها فما رأت من الشيء إلا خياله والماء قد لبس من شعاع الشمس الغلاة وغابت سباع البركة فلعبت الغزالة فقال:

ولما احتمت منا الغزالة بالسما ... وعز على قناصها أن ينالها

نصبنا شباك الماء في الأرض حيلة ... عليها فلم نقدر فصدنا خيالها

وذكر هذه الترجمة في كتابه مسالك الأمصار من كلام علي بن طافر العسقلاني قال: جلسنا على بركى ألقى عليها ورد أحمر ملأبكثرة نجومهع فسحة سمائها وصبغ بحمرة شعاعه صفحة مائها وأهدى زمردة إلى مقلتها الزرقاء فصح سرورنا بدائها.

وقال المذكور في كتابه بدائع البداية أخبرني القاضي الأعز بن المؤيد رحمهما الله تعالى قال اجتمعت مع جماعة من أدباء الاسكندرية في بستان لبعض أهلها فحللنا روضاً تثنت قامات أشجاره وتغنت قيان أطياره وبين أيدينا بركة ماء كجو سماء فنثر عليه بعض الحاضرين ياسميناً زان سمائها بزواهر منيرة وأهدى إلى لجتها جواهر نثيرة فتعاطينا القول في تشبيهه وأطرق كل منا لتحريك خاطره وتنبيهه ثم أظهرنا ما حررنا ونشرنا ما حبرنا فأنشد عباس بن ظريف:

نثر الياسمين لما جنوه ... عبثاً فاستقر فوق الماء

فحسبنا زهر الكواكب تحكي ... زهر الأرض في أديم السماء

قال والذي صنعته أنا:

نثروا الياسمين في صفحة الماء ... فخلنا النجوم وسط الماء

فكأن السماء في باطن الأر ... ض أو الدر طف فوق الماء

وقال مجير الدين بن تميم في مليح يشرب من بركة:

أقدي الذي أهوى بفيه شارباًَ ... من بركة رقت وطابت مشرعا

أبدت لعيني وجهه وخياله ... فأرتني القمرين في وقت معا

نادرة:

<<  <   >  >>