للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الفتى من يقول ها أنا ذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي

قلت: وأنشدني سيدنا ومولانا القاضي شهاب الدين بن حجر رحمه الله للشيخ بدر الدين الصاحب في مليح يطوف بالفول:

أنا ابن الذي في الليل تسطع ناره ... كثير رماد القدر للعب يحمل

يدور بأقداح العوافى على الورى ... ويصبح بالخير الكثير يقوّل

قال محمد بن العفيف في مليح طباخ:

رب طباخ مليح ... فاتر الطرف غرير

مالكي أصبح لكن ... شغلوه بالقدور

وقال الصفدي: كافى بطباخ تملك مهجتى ... فعذاب قلبي في هواه سرمد

وكأنما أنا منصب قادمه ... نار تشب وزفرة تتصعد

وقال المعمار:

كافى بطباخ تنوع حسنه ... ومزاجه للعاشقين يوافق

لكن مخافى من جفاه غدت ... منه قلوب في الصدور خوافق

وقال أيضاً مواليا:

هويت طباخاً بالصبحة اخدميه ... حلو المزاج كانوا بن تركيه

ولو أطارف نواعم بيض زيديه ... لها معانى على الأخوان مخفيه

وقال بعضهم ما على الشيخ المسن أضر من أن يكون له طباخ حاذق وجارية حسناء لأنه يكثر من الطعام فيسقم ومن النكاح فيهرم وقال إبراهيم المعمار:

وطباخ بمنصبه افتخار ... وقدر قد علا في الناس وافى

٣أياديه على الأخوان مدّت ... وكم قلب له بالودّ صافى

وكم آمنوا به من خوف جوع ... سيعطى الآمن في يوم المخاف

دخل ابن الفضل الشاعر يوماً على الوزير ابن هبيرة وكان نقيب الإشراف وكان مبجلا وكان ذلك في يوم شديد الحر من شهر رمضان فقال له الوزير أين كنت فقال في مطبخ سيدي النقيب فقال له ويحك أيش عملت في شهر رمضان في المطبخ فقال كسرت الحر فيه يا مولانا فتبسم وخجل النقيب الفرزدق:

وقد علم الجيران أن قدورنا ... ضوامن للأرزاق والريح رفرف

ترى حولهن المعتقين كأنهم ... على صنم في الجاهلية عكف

وقال أمية بن أبي الصلت: وكأنها بفنائه ... للضيف مترعه زواجر

وكأنهن بما سجن ... وما حمين به ضرائر

وقال الفرزدق يهجو:

لو أن قدرا بكت من طول ما حبست ... على الجفون بكت قدر ابن عمار

ما مسها دسم مذ نض مدمعها ... ولا رأت بعد نار القين من نار

الباب الثامن والعشرون

في الأسماك واللحوم والجزور

كتب الوزير المرحون فخر الدين عبد الرحمن بن مكانس إلى شيخ بدر الدين البشتكى رحمه الله وقد كانوا بمجلس انس بشاطئ الروضة في أيام وفاء النيل السعيد فاتفق أن الشيخ بدر الدين صاد حوتاً عظيماً بالصنارة يداعبه بلغنى رفع الله قدرك على السماك وأعلى محلك وأسماك وأجرى يسعدك وأمرك في نهر السماء وبحور الأرض الأفلاك ولا زلت همم نظمك البدرية ونثرك تعلو على النثرة وفتكات عزماتك الماركية تسمو إلى صيد نسر السماء من وكره وحوتها من المجرو ولا برحت تصرف حروف المحاسن فتخدمك من كل محجر عين ومن كل جانب نون ولا فتئت تجمع شمل المعالي إلى أن يفترق الفرقدان ويلتقى الضب والنون ويغدو سهيل في السماء مصادف الثريا ويصبو الحوت للسرطان أن مولانا مع جماله خلافا للمعز أقلق السابح في لجه وراع كل حوت حتى حوت الأرض في تخومه وحوت السماء في برجه وجاور ذوات البحر فكان لها بئس الجار يطعمه الذي أقامه عليهم في الحيلة مقام بنجه وانه شد وسطه للصيد وكان من الحزم وأرسل آلة صيده إلى الأسود والأحمر من أمم البحار فعادت عود أولى العزم فعد بعد ذلك مولانا للصيد بالمرصاد وأطاعته حروف النص فكلما تلا لسان البحر نونا لسان العزم صاد (مفرد) .

وهي السعادة في السماء فلو تشا ... لطعنت منها رامحا بالاعزل

<<  <   >  >>