نادرة: دخل رجل على بعض أصحابه يعوده من مرض بالقلب وكان له غلام يدعى ياقوت شديد الافتتان به وكان متهماً به فقال له حاشاك يا سيدنا تشكو وجع القلب ونداك المفرح الياقوتي.
الباب التاسع عشر
في الصاحب والنديم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أكثروا من الإخوان فإن ربكم حي كريم يستحي أن يعذب عبده بين إخوانه" وقال علي رضي الله عنه: أعجز من عجر عن اكتساب الإخوان وأعجز منهم من ضيع ما ظفر به منهم، وقال عمر رضي الله عنه: ثلاث لك الود في صدر أخيك أن تبتدئه بالسلام وأن توسع له للمجلس وتدعوه بأحب أسمائه إليه، وقال الخليل بن أمد: الرجل بلا صديق كاليمن بلا شمال، وقال رجل لابن المقفع أنا بالصديق آنس من الأخ فقل صدق الصديق نسيب الروح والأخ نسيب الجسم، وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أما الدخان على النار بأدل من الصاحب على الصاحب.
إعرابي: المودة بين السلف ميراث بين الخلف.
إعرابي: دع مصارعة أخيك وإن حث التراب في فيك.
اعتذر رجل إلى صاحب من تعذر اللقاء فقل أنت في أوسع عذر عند ثقتي وفي أضيق عذر عن شوقي.
المأمون: الإخوان على ثلاث طبقات: طبقة كالغداء لا يستغنى عنه وطبقة كالدواء لا يحتاج إليه إلا في الأحايين وطبقة كالداء لا يحتاج إليه أبداً، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأحبكم إلى الله وأقربكم مني مجالساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون" وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: الغريب من ليس له حبيب، وقال أيضاً، لا تضيعين حق أخيك اتكالاً على ما بينك وبينه فإنه ليس بأخ من ضيعت حقه، وقال علقمة بن لبيد العطاردي لابنه إذا نازعتك نفسك صحبة الرجال فأصحب ن إذا صحبته زانك وإن خدمته صانك وإن نزت بك مؤنة مانك أصحب من إذا مددت يدل بفضل مدها وإن بدت بك ثلمة سدها وإن رأى منك حسنة عدها أصحب من يتناسى معروفه عندك ويتذكر حقوقك عليه.
قال لأبي داود السجستاني صاحب له أستمد من محبرتك قال لا فاحترك الرجل حياء فقال أعلمت أنه من شرع في مال أخيه بالاستئذان فقد استوجب بالحشمة الحرمان.
قرع باب بعض السلف صديق له بالليل فنهض إليه وبيد كيس وسيف وهو يسوق جارية له ففتح الباب وقال قسمت أمرك بين نائبة فهذا المال وعدو فهذا السيف وأيمة فهذه الجارية.
كان علي بن الجهم يمدح أبا تمام ويطيب فيه فقيل له لو كان أخاك ما زدته على هذا المدح فقال إن لم يكن أخا بالنسب فإن أخ بالأدب.
مر بخالد بن صفوان رجلان فعرج إليه أحدهما وطواه الآخر فقال عرج علينا هذا لفضله وطوانا ذاك لبغيه.
الأعمش أدركت أقواماً لا يلقى الرجل أخاه الشهر والشهرين فإذا لقيه لم يزده على كيف أنت وكيف حالك ولو سأله شطر ماله أعطاه ثم أدركت آخرين لم يلق الرجل منهم أخاه يوماً سأله حتى عن الدجاجة في البيت ولو سأله حبة من ماله منعه.
وأحسن من قال من رضى بصحبة من لا خير فيه لم يرض بصحبة من فيه خير.
كان يقال إن الكيس الذي لا سيكل مناجات الصديق.
الهند من كتم الأحبة نصحه والأطباء عليته والإخوان بثه فقد خان نفسه.
كان الخليل إبراهيم صلوات الله عليه إذا ذكر زلته غشي عليه وسمع اضطرابه من ميل، فقال له جبريل: يا خليل الله الجليل يقرؤك السلام يقول هل رأيت خليلاً يخاف خليله قال يا جبريل كلما ذكرت الزلة نسيت الخلة.
قال العتبي لقاء الإخوان نزهة القلوب، قال سليمان بن وهب غزل المودة أرق من غزل الصبابة والنفس بالصديق آنس منها بالعشق، وقال يونس النحوي يستحسن الصبر عن كل واحد إلا عن الصديق، وقال ابن المعتز إذا قدمت المودة شبهت بالقرابة، وقال عمرو بن العاص: من كثر إخوانه كثر غرماؤه يعني في قضاء الحقوق.
عمرو بن مسعدة العبودية عبودية الإخاء لا عبودية الرق، وكان بعضهم يقول اللهم احرسني من أصدقائي إذا قيل له في ذلك إني أقدر أحترس من أعدائي لا أقدر عل الاحتراس من أصدقائي.
وقال ابن الرومي:
عدوك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثر أن من الصحاب
فإن الداء أثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب