للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخر صريعاً للجبين موسداً ... فوسدته واخترت حملي على الهجر

وأيقنت أن السكر طار بلبه ... فأغرق من شمتي وقال ولم يدر

وزال لسان كان إذا كان صاحيا ... يقلبه في كل فن من الشعر

وقال أبو نواس رحمة الله عليه:

ولست النديم صدق ... وقد أخذ الشراب بوجنتيه

تناولها وإلا لم أذقها ... فيأخذها وقد ثقلت عليه

ولكني آخذ الكأس عنه ... وأصرفها بعبسة حاجبيه

وإن رام الوساد لنوم سكر ... دفعت وسادتي أيضاً إليه

وهذا ما حبت له وإني ... أبر له من والديه

ولله در الصاحب بن عباد: قد حملت أوزار السكر على ظهور الخمر.

وتلطف من قال:

طويت بساط الشراب ... على ما فيه من خطأ وصواب

وقال أيضاً:

تعلم في مرافقة النديم ... مطاوعة الأراكة للنسيم

وعاشره بأخلاقي فإني ... وحقك عبد رق للنديم

أعاطيه أحاديثي وكأسي ... فيسكر بالحديث وبالقديم

وقال ابن المعتز:

ونداماي في شباب وحسن ... أتلفت ما لهم نفوس كرام

بين أقداحهم حديث قصير ... هو سحر وما سواه كلام

وغناء يستعجل الراح بالرا ... ح كما ناح في الغصون الحمام

فكان السقاة بين الندامى ... الفات بين السطور قيام

وقال الشيخ جمال الدين بن نباتة رحمه الله:

بروحي نديم يشهد العقل أنه ... قضى العمر باللذات وهو خبير

تذكر مزج الكأس عند وفاته ... فأوصى لها بالثلث وهو كثير

وأنشدني من لفظه لنفسه أقضى القضاة بدر الدين محمد المخزومي:

ورب نهار فيه نادمت أغيدا ... فما كان أحلاه حديثاً وأحسنا

منادمة فيها منادى فحبذا ... نهار تقضي بالحديث وبالمنا

كتب إلى الحسن بن وهب صديق له من أهل الأدب فصلاًُ من كتاب قال فيه وقد قسمك الله بين طرفي وقلبي ففي مشهدك أنس قلبي يرويه طرفي وفي بعدك لهو طرفى يذكر قلبي، فأجابه الرجل: فهمت كتابك الذي أخبرت فيه ما أخبرت فسيان عندك على هذا رأيتني أم لم ترني إذا كان بعضك يؤنس بعضاً وحضور أعضائك تنوب لك عن حضوري لكنني أراك فيخشع قلبي وأغيب عنك فيدمع طرفي فسيان بين متن سلا أبدا ومن حزن دهره.

سئل إسحاق الموصلي عن عدد الندماء فقال واحد هم واثنان غم وثلاثة نظام وأربعة تمام وخمسة مجلس وستة زحام وسبعة موكب وثمانية سوق وتسعة جيش وعشرة نعوذ بالله من شرهم وضرهم.

قال أبو العينا: رب وحشة أنفع من أنيس ووحدة أمتع من جليس.

وقال الجاحظ:

أرى للكأس حقاً لا أراه ... لغير الكأس إلا للنديم

هو القطب الذي دارت عليه ... رحا اللذات في الزمن القديم

وكتب المرحوم فتح الدين محمد بن الشهيد إلى القاضي أمين الدين ابن الأنفي المالكي تغمده الله برحمته وكان قد تأخر عن زيارته:

حتام في سجن الصدود ... سرور عبدك يحتبس

معنى الجفاء فهمته ... قد زدت في المعنى قبس

وأغث بأناس الرضا ... نفسي فما فيها نفس

يا مالك بأبيك زر ... نروى لزيارة عن أنس

اقرأ ألم نشرح فكم ... نلقاك تقرأ في عبس

العمر أنفس أن تعي ... ش نهار همك كالغلس

إن الحياة لغفوة ... والعيش طيف يختلس

الباب العشرون

في مسامرة أهل النعيم

الليلة الأولى:

<<  <   >  >>