للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجيب الوليمة ويجيب دعوة العبد والحر ويقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن أو فخذ أرنب ويكافئ عليها ولا يتأنق في مأكل ويعصب على بطنه الحجر من الجوع وآتاه الله مفاتيح كنوز الأرض فلم يقبلها واختار الآخرة وأكل الخبز بالخل وقال نعم الأدم الخل واكل الدجاج ولحم الحبارى وكان يأكل ما وجده ولا يرد ما حضر ولا يتكلف ما لم يحضر ولا يتورع من مطعم حلال إن وجد تمرا دون خبز أكله وإن وجد شواء أكله وإن وجد خبز بر أو شعير أكله ولا يأكل متكئا ولا على خوان لم يشبع من خبز بر ثلاثاً اتباعاً قط حتى لقى الله عز وجل إيثاراً على نفسه لا فقرا ولا بخلا وكان يحب الذراع من الشاة والدباء واكل خبز الشعير بالتمر والبطيخ بالرطب والقثاء بالرطب والتمر بالزبد وكان يحب الحلوى والعسل وكان يشرب قاعدا وربما شرب قائماً وتنفس ثلاثاً مثنيا للإناء ويبدأ بمن عن يمينه إذا سقاه ويشرب لبناً وقال من أطعمة الله طعاماً فليقل اللهم بارك لنا فيه وأرزقنا خيراً منه ومن سقاه لبناً فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه وإذا رفع الطعام من بين يديه قال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وآوانا وجعلنا مسلمين وكان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقهن قال بعض الكرماء من ألطاف الله تعالى بالكريم أنه يسامح المسافر بالفطر في رمضان فلولا ذلك لخجل الكريم إذ يمر عليه ضيف فيعتذر من أكل طعامه بالصوم وأين هذا من قول بعض البخلاء وقد سئل ما الفرج بعد الشدة فقال أن تدعو الضيف فيعتذر بالصوم، وكان معن بن زائدة إذا أراد أحد من غلمانه أن يرضى عليه بعد الغضب الشديد بادر إلى شيء من طعامه فوضعه في فيه بحضوره، ووقفت في أخبار عمارة الشاعر اليمنى قال كنت هجوت ابن دخان وهو يومئذ صاحب ديوان الدست فشكاني إلى السلطان شاور فأعرض عنه ثم شكاني ثانية فأعرض عنه ثم شكاني ثالثة فالتفت إليه وهو محرج وقال له ما تستحى من أن تشتكى إلى رجلاً يأكل معي على طعامي في يوم وليلة قال عمارة فلم أشعر إلا وقد حضر ابن دخا إلى داري ليلا وحمل إلى دابتي إلا آخر السنة، وحكى بعضهم قال كنا عند الشيخ الزاهد الورع أبي العباس بن تامتيت نفع الله به فقدم لنا طعاماً فأكلنا فقال بعض الجماعة يا سيدي قد أسأنا الأدب وأكلنا بغير أذن فقال الشيخ فإذن لا ترفع يدك إلا بإذن.

نادرة: قيل نزل ضيف على بخيل في ليلة وكان جائعاً فقدم له طعاماً فأتى على آخره ولم يغادر منه شيئاً فحلف البخيل أن لا يبيت الضيف عنده فقال الضيف يا أخي أصبر عليّ إلى الفجر فقال لا وليال عشر فقال أما سمعت أن الضيافة ثلاث فقال البخيل لا وحق الواحد لا يبيت عندي ثلاثاً من يأكل بالخمس ولو كان له فضل من أوتى تسع آيات بينات وحسن من سجد له أحد عشر كوكباً فخرج الضيف وقال كيف جمع زوج الثكلى هذه الأفراد على الترتيب، كان لعبد الله بن جذعان جفنة يأكل منها الطعام القائم والراكب فوقع صبي فيها فغرق فمات، وذكر أن عطية بن صالح مرداس طبخ في بعض ولائمه تسعمائة خروف مصرية سوى ما طبخ من الألوان، قال علي بن الإعرابي قال الحجاج لرجل يوماً وهو على خوانه وكان عليلاً أرفق بيدك فأجابه على الفور وأنت يا حجاج فاغضض بصرك فقال له إن هذا الجواب المسكت، إعرابي مما يزيد في طيب الطعام مؤاكلة الكريم الودود حث رجل رجلاً على الكل من طعامه فقال عليك بتقريب الطعام وعلينا تأديب الأجسام، وقال علي كرم الله وجهه إذا طرقك أخوانك فلا تدخر عنهم ما في المنزل ولا تكلف ما وراء الباب وإذا طرقت فما حضر وإذا دعوت فلا تذر.

قيل لحكيم أي الأوقات أحمد للأكل قال أما من قدر فإذا اشتهى وأما من لم يقدر فإذا وجد، وقال جعفر بن محمد تبين محبة الرجل لأخيه بجودة أكله في منزله.

نزل الشافعي بمالك (نازلاً بالزعفراني ببغداد فكان يرقم كل يوم في رقعة ما يطبخ من الألوان ويدفعها إلى الجارية فأخذها الشافعي يوماً وألحق لونا آخر فعرف ذلك الزعفراني فأعتق الجارية سروراً بذلك.

<<  <   >  >>