للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آداب الكتابة روى عن الشعبي أنه قال كتب النبي صلى الله عليه وسلم أربعة كتب أولها باسمك الله ونزلت سورة هود وفيها (بسم الله مجراها ومرساها) فكتب بسم الله ثم نزلت سورة بني إسرائيل وفيها (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) فكتب بسم الله الرحمن ثم نزلت سورة النمل وفيها (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) فكتبها، وروى أن الفصل الخطاب الذي أعطى داود الذي أعطى داود أما بعد وروى أن أول من قالها كعب بن لؤي وهو أول من سمى يوم الجمعة وكان زيد بن ثابت يكره أن يكتب بسم الله ليس لها سين وكان إذا رآها بغير سين محاها وروى أن عمر بن الخطاب (ضرب عمرو بن العاص لما كتب إليه بغير سين وقيل له فيما ضربك فقال ضربني في سين وعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا كتب أحدهم فليتربه فإن التراب مبارك وهو أنجح للحاجة ولوى عنه صلى الله عليه وسلم أنه كتب كتابين إلى قريتين فأترب أحدهما ولم يترب الآخر فأسلمت القرية التي أترب كتابها وقال الحسن بن وهب كاتب رئيسك بما يستحق ومن دونك بما يستوجب وكاتب صديقك كما تكاتب حبيبك فإن غزل المودة أرق من غزل الصبابة قال الوادعى في تذكرته إن القاضي تاج الدين ابن نبت الأعز رحمه الله كان إذا كتب كتاباً بدأ في ترميله بالبسملة لتعم بركتها سائر الكتاب وإن يخزن ذلك الرمل ويحتفظ به ولا يرميه في الأرض وقال بزرجمهر من لم يختم كتابه فقد استخلص صاحبه وإذا كتبت فأعد النظر فيه فإنما تختم على عقلك وعن عبد الله بن عباس (في قوله تعالى (إني ألقى إليَّ كتاب كريم) قال مختوم وفض الكتاب إذا كسر ختمه ومعنى الفض في اللغة التفريق والكسر ومنه لا يفضض الله فاك.

العنوان فيه خمس لغات أفصحها عنوان ويقال علوان وعينان وعنيان وجمع عنوان عناوين وجمع علوان علاوين والعنوان وهو أثر الكتاب ممن هو والي من هو صحوا باشمط عنوان السجود به والقلم لا يقال له قلم إلا إذا بري وإلا فهو أنبوبة.

ومن أحسن ما قيل فيه قول السيد الفاضل شمس الدين بن الصاحب موفق الدين علي بن الآمدي نقلته كذا من خط الوادعي:

تمشي البراعة والمداد وراها ... ظل على شمس الطروس ينوع

عوض المعاني لو يلوح لمسلم ... هذا المعاني راح وهو صريع

لو لم تكن ألفاظه خطية ... ما راح سراب اللفظ وهو منيع

ألفاظه رقت بوجنة طرسه ... فكأنهن وقد جرين دموع

قلم مسحّى الخطاب لنطقه ... في المهد من يمناه وهو رضيع

وغدا كليميا وقد ضاهى العصا ... فغدا يروق بفعله ويروع

باللفظ حاكته الشموس وبالضيا ... حاكته في حال المداد شموع

قد لازم القرطاس وهو منور ... والطل يهوى الروض وهو مريع

نور ونور حظه وكلامه ... هذا يضئ به وذاك يضوع

وله أيضاً رحمه الله تعالى:

ليمناه ذو طرف كحيل إذا بكى ... تبسم ثغر الخط من دمعه عجبا

وقد راح مشقوق اللسان متى جرى ... بثغر الدوى اللعس أبدى اللما عذبا

وآوته في سنه سمّ أرقم ... إذا ما علا أعواد كف جلا خطبا

ويحقر فعل الخط بين كتائب ... تلاقت إذا ما خط في يدك الكتبا

حكى السمر قد أحيت للبيض خده ... فطاعن به إن شئت واضرب به ضربا

قال الشيخ الإمام مجد الدين الروذا وروى عبد الحميد بن أبي الفرج الهمداني الفقيه الشاعر المفنن مولده سنة تسع وتسعين وخمسمائة وتوفى بدمشق سنة سبع وستين وستمائة من نظمه في وصف القلم من قصيدة مدح بها الوزير القمى مؤيد الدين وزير الدولتين الناصر والمستنصر كذا نقلته من خط محيي الدين بن عبد الظاهر من كتابه المسمى بالنجوم الدرية في الشعراء العصرية:

لك من نبات الماء أصفر للعدا ... من رأسه المسود موت أحمر

خجل القنا من فعله حتى غدا ... مثل النساء يرى عليه المعجر

يصفونه ورد العلا وورده ... أبدا كعيش الحاسدين مكدر

ظلمات نفس خاضها بروية ... من ماء الحياة كأنه الاسكندر

متقيد يعدو وينطق ساكتا ... متحكم في الدهر وهو مسخر

يا راكعاً لبس السواد وساجدا ... يتلو بني العباس وهو مزئر

قد خر رأسك واللسان لبثه ... سر العلا وأسود منك المنظر

<<  <   >  >>