للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جيده ورديئه: هذا الحجر غريب الشكل وذلك أن الغالب على لونه البياض بإشراق عظيم ومائية رقيقة شفافة إلا أنه يرى في باطنه نكتة على قدر عين الهر أعني الناظر الحامل للنور المتحرك في فص مقلته وعلى ذلك اللون سواء وتلك النكتة مع ذلك متحركة على الدوام إذا حرك الفص تحركت بخلاف جهة حركته بحيث إن أميل إلى جهة اليسار مالت النكتة متحركة إلى جهة اليمين وذلك في الأعلى والأسفل فهي كناظر الهر حقيقة ولذلك سمي به فإن كسر أو قطع على أقل الأجزاء ظهرت تلك النكتة في كل جزء من أجزائه وأجوده ما اشتد بياض أبيضه وشفيفه واشتدت كثرة مائية تلك النكتة التي فيه وسرعة حركتها وإشراقها وحسن الشكل وكبر الجرم زائد أن في جودته كسائر الأحجار.

خواصه ومنافعه: هو أنه يحفظ حامله من عين السوء والأنفس الخبيثة ومما أنقله فيه عن ثقات الجوهريين ممن دخل الهند ومارس هذا الفن ومهر فيه أنه يجمع خواص الياقوت البهرماني في منافعه ويزيد عليه بمنفعتين إحداهما أنه لا ينقص مال محتمله ولا تعتريه الآفات والنكبات والأخرى أنه إذا كان في يد رجل أو معه وحضر مصاف حرب ثم هزم حربه فألقى نفسه بين القتلى يراه كل من يمر عليه من أعدائه كأنه مقتول متشحط في دمه فتنفر عنه النفوس حتى لا يقربه بشر منهم وأخبرني بعض من دخل الهند من الجوهريين أنه رأى هذا الجوهر يعبد في المعبد كما تعبد الأصنام قال وثمنه عندهم أغلى من ثمنه ببلاد العرب وهم به أغبط وهو عندهم اعز وذكر أنه وقف على حجر بيع في المعبد بمائة وخمسين ديناراً ولعله يساوي في الهند عشر هذا الثمن وذلك لعلمهم بخواصه ووقوفهم عليها بالتجربة.

البازهر: الموجود من هذا الحجر الآن بأيدي الناس نوعان أحدهما حيواني والآخر معدني فأما المعدني منهما فيقال إنه ينفع من لدغة العقرب فقط وهو مقصر عن جميع ما يذكر في الكتب عن البازهر الحيواني ويذكر أنه يجلب من الصين وهو حجر خفيف هش أصفر وأغبر منقط نقطة خفيفة توجد طبقات رقاق في أصل تكونه طبقة فوق طبقة لا توجد إلا كذلك وينحك سريعاً إذا حك ومحكه يميل للبياض وأعظم ما يوجد منه من مثقال إلى ثلاثة مثاقيل يؤتى به من بلد فارس من تخوم الصين والحيوان الذي يوجد فيه هو الأيل الذي يكون بتلك الجهات ويذكر أن الأيل الذي يوجد فيه البازهر يشتهي أكل الحيات لاسيما من صغر من أولادها وهو معظم غذائه يبحث عنها ويستخرجها من حيث كانت فيأكلها وقد اختلف الناس في أي موضع من الحيوان يتكون البازهر على ثلاثة أقوال: الأول: أنه يتكون في عينيه قالوا وذلك أنه إذا أكثر من أكله لفراخ الحيات اعترته حكة في سائر جسده من سمها فيعمد إلى بركة ماء فيغوص فيها رافعاً رأسه عن الماء إلى أن يغيب كله في الماء حتى لا يظهر منه إلا حدقتاه فيرتفع حينئذ من سائر جسده بخار رطب إلى عينيه ثم يخرج من مأقيه اللذان يليان أنفه يمنة ويسرة ويستحيل ماء فإذا ضربه الهواء جمد وجسده حجراً وبقي معلقاً بشعر ناحيتي أنفه ثم يعرض له مثل ذلك العارض فيفعل مثل هذا الفعل فيخرج بخار آخر ويستحيل ماء ويسيل من ذلك الموضع بعينه على الحجر المتكون قبل فيجمد إذا باشره الهواء فوق الحجر الأول كما جمد الذي قبله ولا يزال كذلك حتى يثقل الحجر فيسقط من ذاته أو يحكه الحيوان إذا ثقل عليه إلى حجر أو أصل شجرة فيسقط فتتبع مظانه حتى يوجد فيؤخذ منها وأخبرني من لا أشك في صدقه وثقة نقله ان بتخوم الشام فيما بينها وبين بلد الروم بموضع يسمى مرعش وما يتصل به أيل يأكل فراخ الحيات ويعرض له من أكلها ما ذكرناه ويفعل الوصف الذي وصفناه وأن البازهر يتكون في عيونه على حسب ما ذكرناه.

القول الثاني: أن هذا الحجر يتكون في قلب هذا الحيوان وأنه يصاد لأجله ويذبح ويستخرج الحجر من قلبه وهذا القول رأيته لبعض أطباء مصر حسبما نورده عنه فيما بعد وهو غير صحيح.

القول الثالث: أن هذا الحجر يتكون في مرارة هذا الحيوان كما يتكون كثير من الأحجار في كثير من الحيوان ويذبح فيخرج البازهر من مرارته ومن يقول ذلك يستدل على صحة قوله بأن هذا الحجر إذا ذيق ظاهره باللسان وجد طعم المرارة عليه ظاهراً وأكثر حذاق الجوهريين وأرباب الخبرة منهم على هذا القول وهذا عندي هو الصحيح وأخبرني بعضهم أنه شاهد حجراً منه انكسر فوجد فيه حشيشة اشتمل عليها الحجر في أصل تكونه.

<<  <   >  >>