وحضر المجلس محمد المنتصر وأبو أحمد وأبو سليمان ابنا الرشيد، وأحمد وأبو العباس ابنا المعتصم، وموسى بن المأمون وابنا حمدون النديم، وأحمد بن أبي رويم والحسين بن الضحاك، وعلي بن الجهم وعلي بن يحيى المنجم وأخوه أحمد، ومن المغنين: عمرو بن بانة وأحمد بن أبي العلاء والحفصي بن المكي وسلمك الرازي وثمرة وسلمان الطبال والمسدود وأبو حشيشة بن الفضل وصالح الدفاف وزنام الزامر وتفاح الزامر، ومن المغنيات: غريب وبدعه جاريتها وشراب وجواريها وندمان وننغم ونحلة وتركية وقديرة ورائك وعرفان.
قال وأقام المتوكل بالقصر ثلاثة ايام ثم صعد إلى قصره الجعفري وتقدم إلى ابراهيم بن العباس يعمل حساب ما أنفق فاشتمل على ستة وثمانين الف ألف دينار وفضل بعد القسم عن الناس وإخراج الخمس مما في المدائن بساط كسرى أنفذه إلى عمر بن الخطاب (فقسمه بين الناس، فأصاب على قطعة منها بعشرين ألف دينار وما كانت بأجود القطع، وكانت الفرس تسميه القطف وكان طوله ستين ذراعاص في عرض ستين حرير فيه طرق كالصور وفيه فصوص كالأنهار، وخلال ذلك في الأفريز وفي حافاته كالأرض المزروعة المقبلة بالنبات في أوان الربيع في قضبان الذهب والفضة ونواره كالجواهر وأشباه ذلك وشبه فصوص ورسمه بالجواهر وزخرفته بحرير وذهب، وكانوا يدخرونه للشتاء إذا ذهبت الرياحين وأرادوا الشرب شربوا عليه فكأنهم في رياض وكان أفضل ما أصيب بالقادسية وكانت قيمته ستة وثلاثين ألف ألف دينار.
ووجد لم المعتز ثلاث دواويج كانت تستعملهنم فقوم الدواج بأكثر من ألف دينار ووجد لها جلود السمور فتحلق ما عليها من الوبر وترمي الجلود فإذا اجتمع من ذلك ما يكفي الدواج تنثر فيه مع فتت من المسك والعنبر وتجعله بين البطانة والظهارة عوضاً عن القطن.
وقال القاضي الفاضل:
بساط يرى التيجان تهوى للثمه ... فما هو إلا قبلة أو مقبل
إذا نشرت من نقشه لك روضة ... بدا فوقها من كفه لك جدول
وأفضل أجزاء الجسوم رؤوسها ... وأرجلها في وطئ بسطك أفضل
دخل محمد بن عمران علي المأمون ذات ليلة فجعل يأمره وينهاه ثم دعا له بمتكأ فقال أعيذك بالله يا أمير المؤمنين ما كنت لاتكئ في مجلسك، فقال له إن على قلبك من بدنك ثقلاً ومئونة فأردنا أن يستريح بدنك ليفرغ لنا قلبك.
وقال محيي الدين بن عبد الظاهر ملغزاً في شبرية:
وهندية موطوءة غير أنها ... إذا افترشت أغرتك بالبيض والسمر
تعانق من أعطافها خبزارنة ... وتلمح من أزرارها طالع البدر
وأعجب من ذا إنها إذ تقيسها ... تفوتك طولاً وهي تعزى إلى شبر
وأنشدني من لفظه لنفسه الشيخ الفاضل بقية المتأخرين شمس الدين محمد بن بركة الجرائحي سلمه الله تعالى (مولده سنة خمس وثلاثين وسبعمائة) :
يقول محدثي لما اضطجعنا ... ووسدني حبيب القلب زنده
قصدتم عند طبيب الوصل هجري ... خذوني تحت رأسكمو مخده
وأنشدني لنفسه أيضاً:
بشحانة تطرزت ... قالت بلفظ موجز
على الحرير قد سما ... قدري والمطرز
وقال الشاعر الظريف محمد بن العفيف:
بساط يملأ الأبصار نوراً ... ويهدي للقلوب به سرورا
ويشرح حين يبسط كل صدر ... وخير البسط ما أرضى الصدورا
وقال ظافر الحداد فيما يكتيب على كرسي:
نزه لحاظك في غريب بدائعي ... وعجيب تشبيهي وحكمة صانع
فكأنني كفا محب شبكت ... يوم الوداع أصابعا بأصبع