هذا على أنه الآن في نشو سكره وذهول فكره باستجلاء هذه المنازل كل شمال فيها شمول لابل الرياح الأربع على أرجائها قبول فهي الجنة وثناء مولانا مسكها الأرج والهالة وأوصافه بدرها المبتلج والدنيا إلا أنها المحسوبة من العيش النضر ومحلة موسى وكل غصن من أغصانها الخضر ما شئت من صدحات مسجوعة وبيوت معمورة وسقف مرفوعة وثمرات كثمرات الجنة غير مقطوعة ولا ممنوعة وعقود على أجيال القضب من الأزاهير وسوق أشجار على نهر كأنه صرح ممرد من قوارير وكل دوحة تنحفر كما تنحفر العذراء ومرجة هي نفس اللذة بدليل أن النفس خضراء وجداول تتلوى في الروض تلوي الأراقم في الصعيد وأبكار وورد كما أشارت شفاه الملاح بالقبل من بعيد راواوين كأنما طارت إلى الأفق بأجنحتها وشبابيك كأنما أصابت القلوب من فتكات الهم بحديد أسلحتها وشرافات دلت على همة الأمن بمبانيها وعلت حتى كأن الثريا عقدت على تراقيها وتجري ماء ترق بمحواتها القلوب الجافية ولا عيب فيها إلا النسيم الواشي والعين الصافية قد مرج الله تعالى بهما البحرين يلتقيان وأخرج منهما في أعطاف الغصون اللؤلؤ والمرجان ولو أخذ المملوك في وصف المحاسن المبدعة والأصول المتفرعة لكاثر غصونها بأقلامه وأزهارها بنثاره ونظامه ولا بلغ معشارها ولا حدث بأخبارها ولكن ليس فيها ما يقال إن كملت لو أن ذا كملا فجعلها الله أول منازل نعيم مولانا المستمر وعمر ببقائه أرجاها التي ينعم الأمل ويعتمر بمنه وكرمه.
صلاح الدين الصفدي متضمنا:
تقول دمشق إذا تفاخر غيرها ... بجامعها الزاهي البديع المشيد
جرى للتهاني حسنه كل جامع ... وما قصبات السبق إلا لمعبد