للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الحدائق لا الآكام تنقحنا ... ريح البنفسج لانشر الخزاماء

أما أنا لست نواحاً على طلل ... ولا خليط ولا نداب أحياء

تركته لأناس كالتيوس غنوا ... عن المدام بدر الإبل والشاء

يعزون للشعر لكن من جهالتهم ... لم يفرقوا بين إيطاء وإقواء

من كل ألكن عند البحث منقطع ... كأنه واصل والشعر كالزاء

وقال الشيخ برهان الدين القيراطي:

أشتاق في وادي دمشق معهداً ... كل الجمال إلى حماه ينسب

ما فيه إلا روضه أو جوشق ... أو جدول أو بلبل أو ربرب

وكان ذاك النهر فيه معصم ... بيد النسيم منقش وكتب

وإذا تكسر ماؤه أبصرته ... في الحال بين رياضه يتشعب

وشدت على العيدان ورق أطربت ... بغنائها من غاب عنه المطرب

فالورق تشدو والنسيم مشبب ... والنهر يسقي والحدائق تشرب

وضياعها ضاع النسيم بها فكم ... أضحى له من بيننا متطلب

وخلت بقلبي من عسالة حبه ... فيها أرباب الخلاعة ملعب

ولكم طربت على السماع بجنكها ... وغدا بربوتها اللسان يشبب

فمتى أزور معالماً أبوابها ... بسماحها كتب الكرام تبوب

وقال ابن ظافر في بدائع البداية: اجتمع الوزير أبو بكر بن القبطرنة والأديب أبو العباس بن صارة في يوم جلا ذهب برقه وأذاب ورق والأرض قد ضحكت لتعبيس السماء واهتزت وربت عند نزول الماء فقال ابن صارة:

هذي البسيطة كاعب أبرادها ... حلل الربيع وحليها النوار

فقال ابن القيطرنة:

فكأن هذا الجو فيها عاشق ... قد شفه التعذيب

فقال ابن صارة:

وإذا شكا فالبرق قلب خافق ... وإذا بكى فدموعه الأمطار

فقال ابن القيطرنة:

من أجل ذلة ذا وعزة هذه ... تبكي الغمام وتضحك الأزهار

وقال ابن تميم:

لو كنت إذا نادمت من أحببته ... في روضة تسبي العقول وتفتن

لرأيتها وعيونها من غيره ... مني تفيض ووجهها يتلون

وقال محيي الدين بن عبد الظاهر: والأغصان قد أخضر نبات عارضها ودنانير ودراهمها وقد تهيأت لتسليم قابضها والمنثور وقد نظمت قلائده وصيغت ولائده والحور وقد جاوز السهى بالبياشير والسرور قد كشف عن سوقها وقالت لها تلك الغدران بهديرها إنه صرح ممرد من قوارير والسوسان وقد لاحظ جفنه الوسنان والورد وقد ورد والبان وقد بان.

وقال الشيخ عز الدين الموصلي ونقلها من خطه رحمه الله تعالى:

وروضة نقشتها للحيا إبر ... فأصبحت بين تطريز وتزهير

مثل السوار لها سور أحاط بها ... من سلسل هي منه ذات تسوير

أو كالخلاخيل للادواح دار على ... سوق لها مطلقا في زي مأسور

تحت الغياض رياض دبجت فبدت ... ألوانها ذات تشهير وتشذير

أغصانها الند والأوراق سوسنه ... والزهر عرق ياقوتا ببلوري

والزهر شعاع الشمس تحسبه ... دراهما نثرت بين الدنانير

والظل ثوب إذا مر النسيم به ... فالروض ما بين مهتوك ومستور

ونهرها زائد بالخصب يدنينا ... كصارم في سبيل الله مشهور

وقال:

وروض نجم الزهر أصبح معجبا ... فتحسده من حسنه الأنجم الزهر

مذ أرجف الماء النسيم تدرعت ... مزردة الأثواب من خوفها الغدر

فللروض تدبيج بألوان زهره ... وللغصن من أوراقه الحلل الخضر

فراع نصيرا من حنان جناسه ... فحلى الضحى زهر وحلى الدجى زهر

وأغربت الألحان في الدوح ورقة ... فكن قيانا دونها أسبل الستر

وأسفر للأصباح خد مورد ... ومن قبله حبى بريحانة الفجر

وقال العفيف التلمساني قدس الله سره:

انظر إلى الأغصان في حركاتها ... الشكرها أم سكرها تتأود

فتقول أرباب البطالة ينثني ... وتقول أرباب الحقيقة يسجد

وقال شهاب الدين بن دمرداش (مولده سنة ثمان وثلاثين وستمائة، ووفاته سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة) :

انظر إلى الأشجار تلق رءوسها ... شابت وطفل ثمارها ما أدركا

وعبيرها قد ضاع من أكمامها ... وغدا بأذيال الصبا متمسكا

وقال برهان الدين القيراطي من قصيدة:

تشوقني الفات الروض مائلة ... من النسيم سكارى وهي دالات

<<  <   >  >>