يَقُول باسم الله وَيسن تشييعها وَمكث إِلَى فرَاغ من الدّفن بِأَن يوارى الْمَيِّت ويهال التُّرَاب جَمِيعه عَلَيْهِ كَذَا قَالَ ابْن حجر فقد ورد فِي الحَدِيث من شيع جَنَازَة إِلَى الْمَسْجِد فَلهُ قِيرَاط من الْأجر فَإِن وقف حَتَّى تدفن فَلهُ قيراطان والقيراط مثل جبل أحد ثمَّ إِن المشيع لَهُ أَحْوَال إِمَّا رَاكب أَو ماش وَإِمَّا أمامها أَو خلفهَا وَإِمَّا قريب أَو بعيد
وَالْأَفْضَل الْمَشْي وبأمامها وقربها بِحَيْثُ لَو الْتفت لرآها والماشي أمامها أَو خلفهَا أفضل من الرَّاكِب مُطلقًا والراكب الْقَرِيب أفضل من الرَّاكِب الْبعيد والأمام أفضل من الْخلف
وَلَا يكره الرّكُوب فِي رُجُوعه مِنْهَا وَيسْتَحب لمن رَآهَا أَن يَقُول عِنْد رؤيتها الله أكبر ثَلَاثًا {هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله وَصدق الله وَرَسُوله وَمَا زادهم إِلَّا إِيمَانًا وتسليما} ٣٣ الْأَحْزَاب الْآيَة ٢٢ أَو يَقُول اللَّهُمَّ ارْفَعْ دَرَجَته فِي المهديين واخلفه فِي عقبه الغابرين واغفر لنا وَله إِلَى يَوْم الدّين أَو يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِحَق سيدنَا مُحَمَّد وَآل سيدنَا مُحَمَّد أَن لَا تعذب هَذَا الْمَيِّت ثَلَاثًا أَو يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وارحمه واعف عَنهُ وعافه ووسع مدخله واغسله بِمَاء وثلج وَبرد ونقه من الْخَطَايَا كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس وأبدله دَارا خيرا من دَاره وَأهلا خيرا من أَهله وزوجا خيرا من زوجه وقه فتْنَة الْقَبْر وَعَذَاب النَّار وَإِذا جمع بَين ذَلِك كَانَ أفضل
ورؤي الإِمَام فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ غفر لي بِكَلِمَة كنت أقولها عِنْد رُؤْيَة الْجِنَازَة وَكَانَ يَقُولهَا عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ وَهِي سُبْحَانَ الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت
وَيسن الْإِسْرَاع بهَا إِن أَمن تغير الْمَيِّت وَإِلَّا فيتأنى بهَا فَإِن خيف تغيرها بالتأني أَيْضا زيد فِي الْإِسْرَاع وَيسن لغير الذّكر مَا يستره كقبة
وَيكرهُ اللَّغط فِي الْجِنَازَة بل الْمُسْتَحبّ التفكر فِي الْمَوْت وَمَا بعده
قَالَ القليوبي وَيكرهُ رفع الصَّوْت بِالْقُرْآنِ وَالذكر وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ المدابغي وَهَذَا بِاعْتِبَار مَا كَانَ فِي الصَّدْر الأول
وَأما الْآن فَلَا بَأْس بذلك لِأَنَّهُ شعار للْمَيت وَتَركه مزرأة وَلَو قيل بِوُجُوبِهِ لم يبعد اه
وَيكرهُ اتباعها بِنَار فِي مجمرة أَو غَيرهَا إِلَّا لحَاجَة كبخور لدفع نَتن أَو فَتِيلَة لرؤية دَفنه لَيْلًا فَلَا كَرَاهَة وَفِي كَلَام بَعضهم ينْدب البخور عِنْد الْمَيِّت من وَقت مَوته إِلَى تَمام دَفنه
(و) الرَّابِع دَفنه فِي قبر بعد الصَّلَاة عَلَيْهِ فَيحرم قبلهَا وَإِن أَجْزَأت بعده لِأَن فِي الدّفن قبل الصَّلَاة عَلَيْهِ إزراء بِالْمَيتِ وَلَا بُد من (دَفنه فِي حُفْرَة تمنع) بعد ردمها (رَائِحَة) أَي ظُهُور رَائِحَة مِنْهُ فتؤذي الْحَيّ وَإِن كَانَ الْمحل لَا يدْخلهُ من يتَأَذَّى بذلك بل وَإِن كَانَ لَا رَائِحَة لَهُ أصلا كَأَن جف (وَسبعا) أَي وتمنع نبش سبع لَهَا فيأكل الْمَيِّت فتنتهك حرمته وَإِن كَانَ فِي مَحل لَا تصله السبَاع أصلا إِذْ حِكْمَة الدّفن صونه عَن انتهاك جِسْمه وانتشار رِيحه فَلَا بُد من حُفْرَة تمنع ذَيْنك
أما لَو وضع الْمَيِّت على وَجه الأَرْض ثمَّ جعل عَلَيْهِ مَا يمْنَع عَنهُ ذَلِك كبناء مثل مَا يَفْعَله بعض أهل الْقرى فَلَا يَكْفِي حَيْثُ لم يتَعَذَّر الْحفر وَرُبمَا يبنون فسقية على ظهر أُخْرَى ويضعون فِيهَا الْمَيِّت وَقد علمت أَنه لَا يَكْفِي فِي الدّفن
وأكمل الدّفن حُفْرَة يكون عمقها قامة