الْمَذْكُور فِي الْآيَة عِنْد الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِنَّمَا تصرف لهَؤُلَاء لَا لغَيرهم وَلَا لبَعْضهِم فَقَط بل يجب استيعابهم وَلَا يخفى مَا فِي هَذَا من الصعوبة سِيمَا فِي زَكَاة الْفطر وَالْمعْنَى عِنْد الإِمَام مَالك وَأبي حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا إِنَّمَا تصرف لهَؤُلَاء لَا لغَيرهم وَهَذَا يصدق بِعَدَمِ استيعابهم فَيجوز دَفعهَا لصنف مِنْهُم وَلَا يجب التَّعْمِيم
قَالَ ابْن عجيل اليمني ثَلَاث مسَائِل فِي الزَّكَاة يُفْتى فِيهَا على خلاف الْمَذْهَب نقل الزَّكَاة وَدفع زَكَاة وَاحِد لوَاحِد وَدفعهَا إِلَى صنف وَاحِد
قَالَ وَلَو كَانَ الشَّافِعِي حَيا لأفتى بذلك وَاخْتَارَ جمع جَوَاز دفع زَكَاة الْفطر إِلَى ثَلَاثَة فُقَرَاء أَو مَسَاكِين وَآخَرُونَ جَوَازه لوَاحِد وَأطَال بَعضهم فِي الِانْتِصَار لَهُ وَفهم من ذَلِك أَن مُقْتَضى الْمَذْهَب حُرْمَة نقل الزَّكَاة من مَحل وُجُوبهَا مَعَ وجود الْمُسْتَحقّين بِهِ إِلَى مَحل آخر وَالْمرَاد بالمستحقين من كَانُوا فِيهَا فِي ذَلِك الْوَقْت وَإِن لم يَكُونُوا من أَهلهَا دون غَيرهم وَمحل الْوُجُوب شَامِل للبلد والقرية وَالْبَحْر وَالْبر حَتَّى لَو حَال الْحول وَالْمَال فِي الْبَحْر حرم نَقله إِلَى الْبر وَالْمرَاد بِمحل الْوُجُوب الْمحل الَّذِي حَال الْحول وَالْمَال فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لزكاة المَال أما زَكَاة الْفطر فَمحل الْوُجُوب هُوَ الَّذِي غربت شمس آخر يَوْم من رَمَضَان والشخص فِيهِ وَالْمرَاد بِالْمحل الآخر الَّذِي يحرم نقل الزَّكَاة إِلَيْهِ الْمحل الَّذِي بالوصول اليه يجوز الْقصر للْمُسَافِر وَلَو خَارج السُّور فَإِن عدمت الْأَصْنَاف فِي مَحل وُجُوبهَا أَو فضل عَنْهُم شَيْء وَجب نقلهَا أَو الْفَاضِل إِلَى مثلهم بأقرب بلد إِلَيْهِ فَإِن عدم بَعضهم أَو فضل عَنهُ شَيْء رد نصيب الْبَعْض أَو الْفَاضِل عَنهُ على البَاقِينَ إِن نقص نصِيبهم عَن كفايتهم فَإِن لم ينقص نقل ذَلِك إِلَى ذَلِك الصِّنْف بأقرب بلد إِلَيْهِ وَهَذَا كُله بِالنِّسْبَةِ للْمَالِك أما الإِمَام فَلهُ وَلَو بنائبه نقل الزَّكَاة مُطلقًا
فَائِدَة لَو كَانَ لَهُ دين على آخر فَقَالَ الْمَدِين لصَاحب الدّين ادْفَعْ لي من زكاتك حَتَّى أقضيك دينك فَفعل أَجْزَأَ عَن الزَّكَاة وَلَا يلْزم الْمَدِين قَضَاء الدّين مِمَّا أَخذه بل لَهُ دفع غَيره وَلَو قَالَ صَاحب الدّين للْمَدِين
اقْضِ مَا عَلَيْك لأرده إِلَيْك من زكاتي فَفعل صَحَّ الْقَضَاء وَلَا يلْزم رده إِلَيْهِ وَلَو كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دين فَقَالَ جعلته عَن زكاتي لم يُجزئهُ على الصَّحِيح حَتَّى يقبضهُ ثمَّ يردهُ إِلَيْهِ وَقيل يُجزئهُ كَمَا لَو كَانَ وَدِيعَة
وَشرط آخذ الزَّكَاة من هَذِه الْأَصْنَاف أَن لَا يكون فِيهِ رق إِلَّا الْمكَاتب وَأَن لَا يكون كَافِرًا وَلَا من بني هَاشم وَبني الْمطلب ومواليهم
(و) حِينَئِذٍ (لَو أَعْطَاهَا) أَي الزَّكَاة (لكَافِر أَو من بِهِ رق) غير مكَاتب (أَو هاشمي أَو مطلبي أَو غَنِي) بِمَال أَو كسب يَلِيق بِحَالهِ ومروءته (أَو مكفي بِنَفَقَة قريب) أَو زوج (لم يجزىء) أَي ذَلِك الْمُعْطى عَن الزَّكَاة نعم يجوز أَن يكون الْحمال والكيال والوزان والحافظ كَافِرًا وهاشميا ومطلبيا ورقيقا لِأَن مَا يأخذونه أُجْرَة فِي الْحَقِيقَة
أما الْكَافِر فللإجماع فِيمَا عدا زَكَاة الْفطر وَترك الْمُسلم الصَّلَاة لَا يُؤثر فِي إِعْطَائِهِ نعم إِن بلغ كَذَلِك أَخذ لَهُ وليه
وَأما الرَّقِيق فَلِأَنَّهُ غَنِي بِنَفَقَة سَيّده وَلِأَنَّهُ لَو ملك لم يملك وَأما بَنو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute