هَاشم وَبَنُو الْمطلب فلحديث الْحَاكِم عَن عَليّ أَن الْعَبَّاس سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَسْتَعْمِلهُ على الصَّدَقَة فَقَالَ مَا كنت أستعملك على غسالة الْأَيْدِي
وروى مُسلم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن هَذِه الصَّدَقَة إِنَّمَا هِيَ أوساخ النَّاس وَإِنَّهَا لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد
وروى الطَّبَرَانِيّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا أحل لكم أهل الْبَيْت من الصَّدقَات شَيْئا وَلَا غسالة الْأَيْدِي إِن لكم فِي خمس الْخمس مَا يكفيكم أَو يغنيكم أَي بل يغنيكم
وَفِي موَالِي بني هَاشم وَبني الْمطلب خلاف قيل يجوز الدّفع إِلَيْهِم لِأَن منع ذَوي الْقُرْبَى لشرفهم وَهُوَ مَفْقُود فيهم وَالأَصَح أَنَّهَا لَا تحل لَهُم أَيْضا لخَبر مولى الْقَوْم مِنْهُم
وَأما الْغَنِيّ فَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا حق فِيهَا لَغَنِيّ وَلَا لقوي مكتسب
وَلَو غَابَ الزَّوْج أَو الْمُنفق وَلم يتْرك منفقا وَلَا مَالا يُمكن الْوُصُول إِلَيْهِ أَعْطَيْت الزَّوْجَة أَو الْقَرِيب بالفقر والمسكنة وَخرج بذلك المكفي بِنَفَقَة مُتَبَرّع فَلهُ الْأَخْذ من الزَّكَاة وَيسن للزَّوْجَة أَن تُعْطِي زَوجهَا من زَكَاتهَا إِن كَانَ من أهل اسْتِحْقَاق الزَّكَاة وَإِن أنفقها عَلَيْهَا
تَنْبِيه مثل الزَّكَاة الْكَفَّارَة وَالنّذر لِأَنَّهُ يسْلك بِهِ مَسْلَك وَاجِب الشَّرْع هَذَا إِذا كَانَ النّذر على جِهَة عَامَّة كَهَذا عَليّ الْفُقَرَاء أما إِذا نذر لشخص معِين مِمَّن تحرم عَلَيْهِ الصَّدَقَة الْوَاجِبَة فَينْعَقد فَإِن كَانَ النّذر بِمعين كَهَذا الدِّينَار ملكه بِنَفس النّذر وَلَا يتأثر بِالرَّدِّ كإعراض الغانم بعد اخْتِيَار التَّمَلُّك أَو بِشَيْء فِي الذِّمَّة ملكه بِالْقَبْضِ الصَّحِيح وَالشّرط عدم الرَّد وَينْعَقد النّذر للغني وَالْكَافِر على التَّعْيِين بِخِلَاف الْكَفَّارَة فَلَا يحل إعطاؤها لَهما وَلَيْسَ كل حكم من الْأَحْكَام مَنْصُوصا عَلَيْهِ بل مَا دخل تَحت إِطْلَاق الْأَصْحَاب منزل منزلَة تصريحهم كَذَا نقل عَن (زَاد الْغَرِيب شرح أَلْفَاظ التَّقْرِيب) للشَّيْخ جمال الدّين مُحَمَّد بن عَليّ
(وَيسن صَدَقَة تطوع كل يَوْم) أَي كل وَقت لَيْلًا وَنَهَارًا لَا سِيمَا أَيَّام الجدب والضيق ليحوز بذلك الْعَافِيَة فِي الْجِسْم وَالْمَال والأهل وَالْخلف السَّرِيع فِي الدُّنْيَا وَالثَّوَاب الجزيل فِي الْآخِرَة وَلَا تتقيد الصَّدَقَة بِمِقْدَار بل تحصل (بِمَا تيَسّر) وَلَو شَيْئا يَسِيرا فَفِي الصَّحِيحَيْنِ اتَّقوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة
وَالْمعْنَى اجعلوا بَيْنكُم وَبَين نَار جَهَنَّم وقاية من الصَّدَقَة وأعمال الْبر وَلَو كَانَ الاتقاء الْمَذْكُور بِجَانِب التمرة أَو نصفهَا فَإِنَّهُ قد يسد الرمق سِيمَا للطفل فَلَا يحتقر الْمُصدق ذَلِك وَقَالَ تَعَالَى {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} ٩٩ الزلزلة الْآيَة ٧ وَدِرْهَم الصَّدَقَة أفضل من دِرْهَم الْقَرْض على الْمُعْتَمد وَيسن أَن يتَصَدَّق بِمَا يُحِبهُ لقَوْله تَعَالَى {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} ٣ آل عمرَان الْآيَة ٩٢
وَيحرم الْمَنّ بِالصَّدَقَةِ وَيبْطل بِهِ ثَوَابهَا وتباح على الْغَنِيّ وَالْكَافِر غير الْحَرْبِيّ وَقد يعرض لَهَا مَا يحرمها كَأَن يُعْطِيهَا لمن يعلم مِنْهُ أَنه يصرفهَا فِي مَعْصِيّة
(وإعطاؤها) أَي الصَّدَقَة المندوبة (سرا وبرمضان ولقريب) وَنَحْوه كَزَوْجَة وصديق (وجار) أقرب فأقرب (أفضل) من غير ذَلِك وَيسن الْإِكْثَار من الصَّدَقَة فِي رَمَضَان لَا سِيمَا فِي عشره الْأَوَاخِر وأمام الْحَاجَات وَعند كسوف وَمرض وَحج وَجِهَاد وَفِي أزمنة وأمكنة فاضلة كعشر ذِي الْحجَّة وَأَيَّام الْعِيد وَالْجُمُعَة والمحتاجين (لَا) يطْلب شرعا التَّصَدُّق (بِمَا يَحْتَاجهُ) لنفقة ممونه من نَفسه وَغَيره فَإِنَّهُ حرَام إِن لم يصبر على الإضاقة وَإِلَّا فَلَا حُرْمَة لقَوْله تَعَالَى {ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} ٥٩ الْحَشْر الْآيَة وعاشوراء