(أَو يئست) من الْحيض بعد أَن رَأَتْهُ وَالْمُعْتَبر فِي الْيَأْس يأس كل النِّسَاء فِي كل الْأَزْمِنَة بِاعْتِبَار مَا يبلغنَا خَبره وَهُوَ اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سنة بِاعْتِبَار الْغَالِب فَإِن طلقت فِي أثْنَاء شهر فبعده هلالان ويكمل الأول المنكسر ثَلَاثِينَ يَوْمًا من الرَّابِع وَإِن نقص فَإِن حَاضَت من لم تَحض أَو آيسة فِي أثْنَاء الْأَشْهر فَتعْتَد بِالْأَقْرَاءِ وجوبا إِجْمَاعًا لِأَنَّهَا الأَصْل فِي الْعدة وَقد قدرت عَلَيْهَا قبل الْفَرَاغ من بدلهَا فتنتقل إِلَيْهَا كالمتيمم إِذا وجد المَاء فِي أثْنَاء التَّيَمُّم أَو حَاضَت من لم تَحض بعد تَمام الْأَشْهر لم تنْتَقل إِلَى الْأَقْرَاء بِخِلَاف الآيسة فَإِنَّهَا إِن حَاضَت بعد تَمام الْأَشْهر وَلم تنْكح زوجا آخر فَإِنَّهَا تَعْتَد بِالْأَقْرَاءِ لتبين أَنَّهَا لَيست آيسة فَإِن نكحت آخر فَلَا شَيْء عَلَيْهَا لانقضاء عدتهَا ظَاهرا مَعَ تعلق حق الزَّوْج بهَا وللشروع فِي الْمَقْصُود كَمَا إِذا قدر الْمُتَيَمم على المَاء بعد الشُّرُوع فِي الصَّلَاة
(وَمن انْقَطع حَيْضهَا) من حرَّة أَو غَيرهَا قبل الطَّلَاق أَو بعده فِي الْعدة لعِلَّة تعرف عِنْد الْأَطِبَّاء كرضاع ونفاس وَمرض وَإِن لم يرج بُرْؤُهُ تصبر اتِّفَاقًا حَتَّى تحيض فَتعْتَد بِالْأَقْرَاءِ أَو حَتَّى تيأس فَتعْتَد بِالْأَشْهرِ وَإِن طَالَتْ الْمدَّة وَطَالَ ضررها بالانتظار ويمتد زمن الرّجْعَة إِلَى الْيَأْس وَمثلهَا النَّفَقَة لِأَنَّهَا تَابِعَة للعدة وَقد قُلْنَا ببقائها
وَطَرِيقه فِي الْخَلَاص من ذَلِك أَن يطلقهَا بَقِيَّة الطلقات الثَّلَاث أما من انْقَطع دَمهَا (بِلَا عِلّة) تعرف عِنْد الْأَطِبَّاء فَفِيهَا خلاف فَفِي القَوْل الْجَدِيد الْمُعْتَمد أَنَّهَا (لم تتَزَوَّج حَتَّى تحيض أَو تيأس) ببلوغها إِلَى سنّ الْيَأْس وَفِي الْقَدِيم تَتَرَبَّص تِسْعَة أشهر إِذْ هِيَ مُدَّة الْحمل غَالِبا ليعرف فرَاغ الرَّحِم وَبعدهَا تَعْتَد بِثَلَاثَة أشهر وَهَذَا مُوَافق لقَوْل الإِمَام مَالك تصبر سنة بَيْضَاء أَي خَالِيَة عَن الدَّم لِأَن ضم الثَّلَاثَة أشهر للتسعة سنة كَامِلَة وَفِي قَول من الْقَدِيم تَتَرَبَّص أَربع سِنِين لِأَنَّهَا أَكثر مُدَّة الْحمل فتتيقن بَرَاءَة الرَّحِم ثمَّ إِن لم يظْهر حمل تَعْتَد بِالْأَشْهرِ كَمَا تَعْتَد بِالْأَقْرَاءِ الْمُعَلق طَلاقهَا بِالْولادَةِ مَعَ تَيَقّن بَرَاءَة رَحمهَا ولهذه الْمَرْأَة وَلمن لم تَحض أصلا استعجال الْحيض بدواء
(و) تجب عدَّة (لوفاة زوج حَتَّى على رَجْعِيَّة وَغير مَوْطُوءَة بأَرْبعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام) بلياليها بعد وضع الْحمل إِن كَانَت حَامِلا من غير زنا بِأَن كَانَ من شُبْهَة لِأَن عدَّة الْحمل مُقَدّمَة تقدّمت أَو تَأَخَّرت عَن الْمَوْت بِأَن وطِئت بِشُبْهَة فِي أثْنَاء الْعدة وحملت فَإِنَّهَا تقدم عدَّة الشُّبْهَة وَبعد وضع الْحمل تبنى على مَا مضى من عدَّة الْوَفَاة يَعْنِي أَن عدَّة الْحرَّة الْمُعْتَدَّة عَن وَفَاة إِن كَانَت حَائِلا أَو حَامِلا من غير الزَّوْج أَرْبَعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام بلياليها وَإِن كَانَت ذَات أَقراء وَإِن لم تُوطأ أَو كَانَت صَغِيرَة أَو زَوْجَة مَمْسُوح ذكره وأنثياه أَو زَوْجَة صبي لم يبلغ تسع سِنِين بِخِلَاف مَا إِذا بلغ أَوَان الِاحْتِلَام فَتعْتَد الْحَامِل بِالْوَضْعِ وَلَو مَاتَ شخص عَن مُطلقَة رَجْعِيَّة انْتَقَلت إِلَى عدَّة وَفَاة مَعَ عدم حسبان مَا مضى وَسَقَطت بَقِيَّة عدَّة الطَّلَاق وَتسقط نَفَقَتهَا أَو مَاتَ عَن مُطلقَة بَائِن كمفسوخ نِكَاحهَا فَلَا تنْتَقل إِلَى عدَّة الْوَفَاة بل تكمل عدَّة الطَّلَاق وَلها النَّفَقَة إِن كَانَت حَامِلا (مَعَ إحداد) أَي يجب الْإِحْدَاد على مُعْتَدَّة وَفَاة وَلَا فرق فِي وُجُوبه بَين الْمسلمَة والذمية وَلَو كَانَ زَوجهَا ذِمِّيا وَلَا بَين الْحرَّة وَالْأمة وَلَا بَين المكلفة وَغَيرهَا وَالْوَلِيّ يمْنَع