(وَالْقَضَاء على غَائِب) عَن الْبَلَد أَو الْمجْلس لتوار أَو تعزز (جَائِز) فِي كل شَيْء غير عُقُوبَة لله تَعَالَى (إِن كَانَ لمدع حجَّة وَلم يقل هُوَ) أَي الْغَائِب (مقرّ) بِالْحَقِّ بِأَن قَالَ هُوَ جَاحد لَهُ أَو أطلق لِأَنَّهُ قد يعلم جحوده فِي غيبته وَيحْتَاج إِلَى إِثْبَات الْحق فتجعل غيبته كسكوته ثمَّ تِلْكَ الْحجَّة إِمَّا علم القَاضِي وَإِمَّا بَيِّنَة وَلَو شَاهدا ويمينا فِيمَا يقْضى فِيهِ بهما وَلَا بُد من يَمِين ثَانِيَة للاستظهار وَنفي المسقطات بعد الْيَمين المكملة للحجة هَذَا فِي الْغَائِب وَكَذَا فِي الصَّبِي وَالْمَجْنُون وَالْمَيِّت أما لَو قَالَ هُوَ مقرّ وَإِنَّمَا أقيم الْبَيِّنَة استظهارا مَخَافَة أَن يُنكر لم تسمع بَينته ولغت دَعْوَاهُ وَكَذَا لَو قَالَ هُوَ مقرّ لكنه مُمْتَنع فَلَا تسمع عِنْد الرَّمْلِيّ خلافًا لِابْنِ حجر إِذْ لَا فَائِدَة فِي الْبَيِّنَة مَعَ الْإِقْرَار وَيسْتَثْنى مَا إِذا كَانَ للْغَائِب عين حَاضِرَة فِي عمل الْحَاكِم الَّذِي وَقعت عِنْده الدَّعْوَى وَإِن لم تكن بِبَلَدِهِ وَأَرَادَ إِقَامَة الْبَيِّنَة على دينه ليوفيه فَتسمع الْبَيِّنَة وَإِن قَالَ هُوَ مقرّ وَيسْتَحب للْقَاضِي نصب مسخر يُنكر عَن الْغَائِب وَمن ألحق بِهِ لتَكون الْحجَّة على إِنْكَار مُنكر وَيَنْبَغِي لَهُ أَن يوري فِي إِنْكَاره على الْغَائِب وَمن فِي مَعْنَاهُ
(وَوَجَب تَحْلِيفه) أَي الْمُدَّعِي يَمِين الِاسْتِظْهَار فِيمَا إِذا لم يكن للْغَائِب وَكيل حَاضر سَوَاء أَكَانَت الدَّعْوَى بدين أم عين أم بِصِحَّة عقد أم إِبْرَاء كَأَن أحَال الْغَائِب على مَدين لَهُ حَاضر فَادّعى إبراءه لاحْتِمَال دَعْوَى أَنه مكره عَلَيْهِ (بعد) إِقَامَة (بَيِّنَة) وتعديلها (أَن الْحق) فِي الصُّورَة الأولى ثَبت (فِي ذمَّته) إِلَى الْآن احْتِيَاطًا للْغَائِب لِأَنَّهُ لَو كَانَ حَاضرا لربما ادّعى أَدَاء أَو إِبْرَاء وَلَا بُد أَن يَقُول مَعَ ذَلِك وَأَنه يلْزمه تَسْلِيمه إِلَيّ لِأَن الْحق قد يكون عَلَيْهِ وَلَا يلْزمه أَدَاؤُهُ لتأجيل أَو نَحوه وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الدَّعْوَى بِعَين بل يحلف فِيهَا على مَا يَلِيق بهَا كَأَن يَقُول وَالْعين بَاقِيَة تَحت يَده يلْزمه تَسْلِيمهَا إِلَيّ وَكَذَا نَحْو الْإِبْرَاء وَلَا بُد أَن يتَعَرَّض مَعَ الثُّبُوت وَلُزُوم التَّسْلِيم إِلَى أَنه لَا يعلم أَن فِي شُهُوده قادحا فِي الشَّهَادَة مُطلقًا أَو بِالنِّسْبَةِ للْغَائِب كفسق وعداوة وتهمة لِأَن الْمُدعى عَلَيْهِ لَو كَانَ حَاضرا وَطلب تَحْلِيف الْمُدَّعِي على ذَلِك أُجِيب وَلَا يبطل الْحق بِتَأْخِير هَذَا الْيَمين عَن الْيَوْم الَّذِي وَقعت فِيهِ الدَّعْوَى وَلَا ترتد بِالرَّدِّ بِأَن يردهَا على الْغَائِب وَيُوقف الْأَمر إِلَى حُضُوره أَو يطْلب الإنهاء إِلَى حَاكم بَلَده ليحلفه وَذَلِكَ لِأَن هَذِه الْيَمين لَيست مكملة للحجة وَإِنَّمَا هِيَ شَرط للْحكم وَلَو ثَبت الْحق وَحلف ثمَّ نقل إِلَى حَاكم آخر ليحكم بِهِ لم تجب إِعَادَتهَا أما إِذا كَانَ للْغَائِب وَكيل حَاضر فَإِنَّهُ يتَوَقَّف التَّحْلِيف على طلبه حَيْثُ وَقعت الدَّعْوَى على الْوَكِيل فَإِن وَقعت على الْمُوكل لم يتَوَقَّف على ذَلِك
(كَمَا لَو ادّعى) أَي شخص (على صبي) أَو مَجْنُون لَا ولي لَهُ أَو لَهُ ولي وَلم يطْلب فَإِنَّهُ يحلف احيتاطا لمن ذكر وَلَا تتَوَقَّف الْيَمين على طلبه
(وميت) لَيْسَ لَهُ وَارِث خَاص حَاضر فَإِن الْمُدَّعِي يحلف لما مر أما من لَهُ وَارِث كَذَلِك كَامِل فَلَا بُد فِي تَحْلِيف خَصمه بعد إِقَامَة الْبَيِّنَة من طلبه