(وَإِذا) حكم الْحَاكِم على الْغَائِب أَو الْمَيِّت بِمَال وَقد (ثَبت مَال) عَلَيْهِمَا بالحكم (وَله مَال) حَاضر فِي مَحل عمله أَو دين ثَابت على حَاضر فِي ذَلِك (قَضَاهُ مِنْهُ) بعد طلب الْمُدَّعِي لِأَن الْحَاكِم يقوم مقامهما وَلَا يُطَالِبهُ بكفيل لِأَن الأَصْل بَقَاء المَال وَلَا يُعْطِيهِ بِمُجَرَّد الثُّبُوت لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحكم وَلَو بَاعَ قَاض مَال غَائِب فِي دينه فَقدم وأبطل الدّين بِإِثْبَات نَحْو فسق الشَّاهِد بِهِ بَطل البيع
(وَإِلَّا) بِأَن لم يكن لَهُ مَال فِي مَحل ولَايَته أَو لم يحكم (فَإِن سَأَلَ الْمُدَّعِي إنهاء الْحَال) فِي ذَلِك (إِلَى قَاضِي بلد الْغَائِب) أَو إِلَى كل من يصل إِلَيْهِ الْكتاب من الْقُضَاة (أَجَابَهُ) وجوبا وَإِن كَانَ الْمَكْتُوب إِلَيْهِ قَاضِي ضَرُورَة مسارعة لبراءة ذمَّة غَرِيمه ولوصوله إِلَى حَقه (فينهي إِلَيْهِ) أَي ذَلِك القَاضِي (سَماع بَيِّنَة) ثَبت بهَا الْحق ثمَّ إِن عدلها لم يحْتَج الْمَكْتُوب إِلَيْهِ إِلَى تعديلها وَإِلَّا احْتَاجَ إِلَيْهِ (ليحكم بهَا) أَي الْبَيِّنَة (ثمَّ يَسْتَوْفِي الْحق أَو) يُنْهِي إِلَيْهِ (حكما) إِن حكم (ليستوفي) المَال لدعاء الْحَاجة إِلَى ذَلِك وَيكْتب فِي إنهاء الحكم قَامَت عِنْدِي حجَّة على فلَان لفُلَان بِكَذَا وحكمت لَهُ بِهِ فاستوف حَقه وَقد يُنْهِي علم نَفسه
(والإنهاء أَن يشْهد) أَي القَاضِي الْكَاتِب (عَدْلَيْنِ بذلك) أَي بِمَا جرى عِنْده من ثُبُوت أَو حكم يؤديانه عِنْد القَاضِي الآخر وَيعْتَبر فِيهِ رجلَانِ فَلَا يَكْفِي غَيرهمَا وَلَو فِي مَال أَو هِلَال رَمَضَان وَالْمرَاد بهَا شَاهِدَانِ غير شَاهِدي الْحق أما هما فَلَا يذهبان إِلَى القَاضِي الْمَكْتُوب إِلَيْهِ وَإِنَّمَا اللَّذَان يذهبان شَاهدا الحكم وَيسن مَعَ الْإِشْهَاد أَن يذكر فِي الْكتاب مَا يُمَيّز الْخَصْمَيْنِ الْغَائِب وَذَا الْحق وَيسن خَتمه بعد قِرَاءَته على الشَّاهِدين بِحَضْرَتِهِ وَختم الْكتاب من حَيْثُ هُوَ سنة متبعة وَالْمرَاد بختمه جعل نَحْو شمع عَلَيْهِ بعد طيه ليصونه وَيخْتم عَلَيْهِ بِخَاتمِهِ وَيَقُول أشهدكما أَنِّي كتبت إِلَى فلَان بِمَا سمعتماه ويضعان خطهما فِيهِ وَلَا يَكْفِي أَن يَقُول أشهدكما أَن هَذَا خطي وَأَن مَا فِيهِ حكمي وَيدْفَع للشاهدين نُسْخَة أُخْرَى بِلَا ختم ليطالعاها ويتذكرا عِنْد الْحَاجة ويشهدان عِنْد القَاضِي الآخر على القَاضِي الْكَاتِب بِمَا جرى عِنْده من ثُبُوت أَو حكم إِن أنكر الْخصم الْمحْضر أَن المَال الْمَذْكُور فِيهِ عَلَيْهِ وَلَو خالفاه أَو انمحى أَو ضَاعَ فَالْعِبْرَة بقولهمَا
تَنْبِيه صُورَة الْكتاب حضر فلَان وَادّعى على فلَان الْغَائِب الْمُقِيم بِبَلَد كَذَا بدين وحكمت لَهُ بِحجَّة أوجبت الحكم وسألني أَن أكتب إِلَيْك بذلك فأجبته وأشهدت بالحكم شَاهِدين أَو شهد عِنْدِي بِالْحَقِّ شَاهِدَانِ وَيُسمى فِي إنهاء سَماع الْحجَّة من غير حكم شَاهِدي الْحق إِن لم يعدلهما وَإِلَّا فَلهُ ترك تسميتهما أما إنهاء الحكم فَلَا حَاجَة لذكر الْبَيِّنَة الَّتِي أوجبت الحكم لِأَنَّهُ لَا مساغ لشهادة بَيِّنَة الحكم بِهِ قبل تعديلها كَمَا لَا مساغ للْحكم قبل تَعْدِيل بَيِّنَة الْحق
وَالْحَاصِل أَن إنهاء الحكم أَو ثُبُوت الْحق من غير حكم لَا بُد فِيهِ من التَّعْدِيل بِخِلَاف إنهاء سَماع الْبَيِّنَة من غير حكم فَتَارَة يكون مَعَه تَعْدِيل وَتارَة لَا فَاحْتَاجَ الْأَمر حِينَئِذٍ إِلَى ذكر الشَّاهِدين