للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: والمنصور هَذَا هُوَ الَّذِي بنى مَدِينَة بَغْدَاد، و [هُوَ الَّذِي] قتل أَبَا مُسلم الْخُرَاسَانِي - واسْمه عبد الرَّحْمَن -، وَهُوَ وَالِد جَمِيع الْخُلَفَاء العباسية.

وروى عمر بن [أبي] شيبَة عَن الْمَدَائِنِي وَغَيره أَن الْمَنْصُور لما احْتضرَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قد ارتكبت الْأُمُور الْعِظَام جرْأَة مني عَلَيْك، وَقد أطعتك فِي أحب الْأَشْيَاء إِلَيْك: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، منا مِنْك لَا منا عَلَيْك، وَمَات.

وَقد كَانَ الْمَنْصُور رأى مناما يدل على قرب أَجله؛ فتهيأ وَسَار لِلْحَجِّ.

قَالَ هِشَام بن عمار: حَدثنَا الْهَيْثَم بن عمرَان أَن الْمَنْصُور مَاتَ بالبطن بِمَكَّة.

وَقَالَ خَليفَة والهيثم وَغَيرهمَا: عَاشَ أَرْبعا وَسِتِّينَ سنة.

وَقَالَ الصولي: دفن بَين الْحجُون وبئر مَيْمُون فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة.

قلت: وَكَانَت خِلَافَته إثنتين وَعشْرين سنة وَثَلَاثَة أشهر.

وَكَانَ الْمَنْصُور أسمرا، نحيفا، طَويلا، مهيبا، خَفِيف العارضين، معرق الْوَجْه، رحب الْجَبْهَة، يخضب بِالسَّوَادِ، كَأَن عَيْنَيْهِ لسانان ناطقان، تخالطه أبهة الْملك بزِي النساك، تقبله الْقُلُوب، وتتبعه الْعُيُون. إنتهى.

وتخلف بعده إبنه [مُحَمَّد الْمهْدي] .

<<  <  ج: ص:  >  >>