وسَاق الْمُسلمُونَ خَلفهم، وأسروا مِنْهُم جمَاعَة، وعادوا بالأسرى ورءوس الْقَتْلَى إِلَى ظَاهر بَغْدَاد، ونزلوا بمخيمهم مُطْمَئِنين بهروب الْعَدو؛ فَأرْسل الْوَزير العلقمي فِي تِلْكَ اللَّيْلَة جمَاعَة من أَصْحَابه؛ فَقطعُوا شط الدجلة؛ فَخرج مَاؤُهَا على عَسَاكِر بَغْدَاد وهم نائمون؛ فغرقت مَوَاشِيهمْ وخيامهم وَأَمْوَالهمْ، وَصَارَ السعيد مِنْهُم من لَقِي فرسا يركبهَا.
وَكَانَ الْوَزير قد أرسل إِلَى هولاكو يعرفهُ بِمَا فعل ويأمره بِالرُّجُوعِ إِلَى بَغْدَاد؛ فَرَجَعت عَسَاكِر هولاكو إِلَى ظَاهر بَغْدَاد؛ فَلم يَجدوا هُنَاكَ من يردهم.
فَلَمَّا أصحبوا استولوا على بَغْدَاد وبذلوا فِيهَا السَّيْف، وَوَقع مِنْهُم أُمُور [يطول شرحها، لَيْسَ لذكرها] مَحل فِي هَذَا الْمُخْتَصر.
وَالْمَقْصُود: أَن هولاكو استولى على بَغْدَاد، وَأخذ المستعصم أَسِيرًا -[بعد أُمُور]- ثمَّ بذل السَّيْف فِي الْمُسلمين، وَلم يرحم شَيخا كَبِيرا لكبره وَلَا صَغِيرا لصغره.
وَلما أَخذ المستعصم أَسِيرًا هُوَ وَولده، وأحضر بَين يَدي هولاكو أَمر بِهِ [هولاكو] ؛ فَأخْرج من بَغْدَاد، وأنزله بمخيم صَغِير بِظَاهِر بَغْدَاد. ثمَّ [فِي] بعد عصر الْيَوْم وضع الْخَلِيفَة المستعصم وَولده فِي عَدْلَيْنِ وَأمر التتار برفسهما، إِلَى أَن مَاتَا فِي محرم سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة.
ثمَّ نهبت دَار الْخلَافَة ومدينة بَغْدَاد حَتَّى لم يبْق بهَا مَا قل وَلَا مَا جلّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute