للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ أحرقت بَغْدَاد بعد أَن قتل أَكثر أَهلهَا، حَتَّى قيل: إِن عدَّة من قتل فِي نوبَة هولاكو يزِيد على ألفي ألف وَثَمَانمِائَة ألف وَثَلَاثِينَ ألف إِنْسَان.

وانقرضت الْخلَافَة من بَغْدَاد بقتل المستعصم هَذَا، وَبقيت الدُّنْيَا بِلَا خَليفَة سِنِين، إِلَى أَن أَقَامَ الْملك الظَّاهِر بيبرس البندقداري بعض بني الْعَبَّاس فِي الْخلَافَة - حَسْبَمَا نذكرهُ على سَبِيل الإختصار -. فَكَانَت خلَافَة المستعصم خمس عشرَة سنة وَثَمَانِية أشهر وأياما، وَتَقْدِير عمره سَبْعَة وَأَرْبَعُونَ سنة.

وزالت الْخلَافَة من بَغْدَاد؛ فَقَالَ قَائِلهمْ:

(خلت المنابر والأسرة مِنْهُم ... فَعَلَيْهِم حَتَّى الْمَمَات سَلام)

وَأما الْوَزير العلقمي؛ فَلم يتم لَهُ مَا أرد من أَن التتار يبذلون السَّيْف مُطلقًا فِي أهل السّنة؛ فجَاء بِخِلَاف مَا أَرَادَ؛ وبذلوا السَّيْف فِي أهل السّنة والرافضة مَعًا.

كل ذَلِك وَهُوَ فِي منصبه مَعَ الذل والهوان، وَهُوَ يظْهر قُوَّة النَّفس والفرح وَأَنه بلغ قَصده؛ فَلم يلبث إِلَّا أَن أمْسكهُ هولاكو بعد قتل المستعصم بأيام ووبخه بِأَلْفَاظ شنيعة، مَعْنَاهَا أَنه لم يكن لَهُ خير فِي مخدومه وَلَا فِي دينه؛ فَكيف يكون لَهُ خير فِي هولاكو؟ ! ثمَّ أَمر بِهِ هولاكو؛ فَقتل أشر قتلة فِي أَوَائِل سنة سبع وَخمسين.

قلت: (إِلَى سقر، لَا دنيا وَلَا آخِرَة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>