للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَانْهَزَمَ النَّاصِر إِلَى نَحْو دمشق فِي نفر قَلِيل [نَحْو] الثَّلَاثَة، وَدخل [دمشق] فِي آخر لَيْلَة الْأَرْبَعَاء خَامِس عشر الْمحرم [الْمُقدم ذكره] .

وَمَات الْوَالِد -[رَحمَه الله]- فِي ذَلِك الْيَوْم وَدفن بتربة تنم الْحسنى نَائِب الشَّام.

وَاسْتولى الْأُمَرَاء بعد الْوَقْعَة على الْخَلِيفَة والقضاة والعصائب السُّلْطَانِيَّة، وَسَارُوا يُرِيدُونَ دمشق؛ فتهيأ النَّاصِر لقتالهم ثَانِيًا، وَقد قوي أمره ببرك الْوَالِد ومماليكه وخيوله وسلاحه؛ لِأَن النَّاصِر استولى على جَمِيع مَا كَانَ للوالد، حَتَّى أَنه لم يدع لنا شَيْئا يُسَاوِي الدِّينَار الْوَاحِد.

ثمَّ وَقع للناصر مَعَ الْأُمَرَاء أُمُور وحروب طَالَتْ أَيَّامًا كَثِيرَة؛ فسلطنوا الْأُمَرَاء الْخَلِيفَة الْعَبَّاس، وخلعوا النَّاصِر من الْملك.

كل ذَلِك وَهُوَ مُجْتَهد فِي قِتَالهمْ بِالْمَدِينَةِ ثمَّ بالقلعة، إِلَى أَن أَخذ بالأمان فِي لَيْلَة الأثنين حادي عشر صفر سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة؛ فَأخذ وَقيد، وَحبس بقلعة دمشق، إِلَى أَن قتل بأيدي المشاعلية بالسكاكين فِي لَيْلَة السبت سادس عشر صفر، ثمَّ ألْقى على مزبلة وَهُوَ عاري الْبدن وَالنَّاس تمر بِهِ، حَتَّى حمل بعد أَيَّام، وَغسل وكفن، وَدفن بمقبرة بَاب الفراديس بمرج الدحداح.

<<  <  ج: ص:  >  >>