إذا جرت حالا لم يكن لها يد، أما من الحرف الرابط وهو الواو وأما من الضمير وان اجتمعا كان أقوى. فمثال الواو وحدها قولنا: مررت بزيد وعمرو جالس، ومثال الضمير وحده قولنا: مررت بزيد وجهه مكشوف، ومثال اجتماعهما قولنا: مررت بزيد وعلى يده باز، وليس في قوله:" جبال الصفر معرضة " حرف رابط ولا ضمير راجع، فالحرف لا يحسن إضماره وحذفه لقلة ذلك، ألا ترى إلى ضيق حكاية أبي عثمان عن أبي زيد من قولهم:" أكلت لحما سمكا تمرا "، فإذا كان كذلك عدلت إلى تقدير حذف الضمير لاتساع ذلك فكأنه قال: جبال الصفر عن اليسار منان ودل على ذلك أمران، أحدهما: أن المعنى عليه، ودلالة الحال في اليان جارية مجرى دلالة اللفظ، والآخر: ما ظهر من الضمير فيما عطف عليه من قوله: " عن إيماننا "، فكأنه قال عن يسارنا أو عن اليسار منا، فأما اليسار فلم تأت عنهم فيما علمت مجموعة، بل " اليمين " قد تجمع شمال وشمائل وأشْمُل، قال العجلي " من الرجز ":
يبري لها من أيمُنٍ وأشمل ... ذو خرق طلس وشخص مُذألِ
وأما اليسار فلم تجمع، وعلة ذلك عندي شيئان، أحدهما، استغناؤهم عن تكسيرها بتكسير " شمال " فيكون هذا مما قاله سيبويه: " وقد يستغنون بالسيئ عن الشيء حتى يكون المُستغنى عنه مسقطا من كلامهم البتة "، والآخر أن اليسار واليُسرى إنما هو تفاؤل باليُسر وعدول عن الشؤم، وإنما هي الشؤمى ضد اليُمنى، قال:
فأنحى على شؤمي يديه
فلما كانت فرعا معدولا إليه عن أصل قد استمر تكسيره ضاق موضعها فلم