للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا أنك مع هذا جعلته جمع ضيف فسد المعنى لأنك تجعل الفوارس هم الأضياف، وليس المعنى على هذا، إنما المعنى: انهم يقرون الأضياف فهذا ظاهره كما تراه منتقض ولكن فيه عندي وجهان سوى هذا الظاهر، أحدهما: أن يكون على حذف المضاف كأنه قال الفوارس ذوي الأضياف أو مُحلى الأضياف ثم حذف المضاف كقولها " من البسيط ":

يا صخر وراد ماء قد تناذره ... أهل الموارد ما في ورده عار

أي: ما في ترك ورده، فهذا إن حملته على ظاهره فسد معناه، وان حملته على حذف المضاف استقام أمره فهو وعروض البيت الذي نحن في تفسيره سواء، ومثله قوله " من المتقارب ":

وأهلك مهر أبيك الدواء ... ليس له من طعام نصيب

أي ترك الدواء، وقال الآخر " من الطويل ":

وإني لاستحيي وفي الحق مستحى ... إذا جاء باغي العرف أن أتعذرا

أي: في تركه، أنشدنا أبو علي هذين البيتين فهذا وجه. وأما الثاني: وهو أغمض من هذا، فإن يكون " الضايف " جمع إضافة على أنه وصف بالمصدر على قولك: هذا رجل عَدْل، أي: عادل، وماء غور أي غائر كأنه جعله هو الشيء بعينه على قوله:

وهن من الأخلاف بعدك والمطلِ

وعلى قوله " من الطويل ":

لخلابة العينين كذابة المنى ... وهُنَّ من الأخلاف والولعانِ

فكذلك هذا، كأنه جاء به على قوله: هذا رجلٌ إضافة، إذا كثرت أضافته الأضياف كأنه جُعل مخلوقا من إضافة كما أن الأول كأنه

<<  <   >  >>