حَدثنِي المعمر بن عَليّ الْوَاعِظ قَالَ: حدثت عَن أقضى الْقُضَاة أبي الْحسن الْمَاوَرْدِيّ قَالَ: صليت يَوْمًا خلف أبي الْحسن الْقزْوِينِي، فَرَأَيْت عَلَيْهِ قَمِيصًا أنقى مَا يكون من الثِّيَاب، وَهُوَ مطرز، فَقلت فِي نَفسِي: ايْنَ الْمُطَرز من الزّهْد، فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ: سُبْحَانَ الله، الْمُطَرز لَا ينْقض أَحْكَام الزّهْد، الْمُطَرز لَا ينْقض أَحْكَام الزّهْد، مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا.
حَدثنِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْقَزاز قَالَ: كَانَ ينزل بنهر طابق رجل زاهد، على طَريقَة حَسَنَة، يلبس الصُّوف، وَيَأْكُل الشّعير بالملح الجريش، وَكَانَ يبلغهُ أَن الْقزْوِينِي يَأْكُل الطّيب من الطَّعَام، ويلبس الرَّقِيق من الثِّيَاب، فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ الله، رجل زاهد مجمع على زهده، لَا يخْتَلف فِيهِ اثْنَان، وَيَأْكُل هَذَا الْمَأْكُول، ويلبس هَذَا الملبوس {} أشتهى أَن أرَاهُ، فجَاء إِلَى الحربية، فَدخل مَسْجِد الْقزْوِينِي، وَهُوَ فِي منزله ثمَّ إِنَّه خرج، فَأذن، وَدخل الْمَسْجِد، وَفِيه ذَلِك الرجل وَجَمَاعَة غَيره، فَقَالَ، ثمَّ الْقزْوِينِي: سُبْحَانَ الله، رجل يَوْمًا إِلَيْهِ بالزهد يُعَارض الله تَعَالَى فِي أَفعاله، أَو فِيمَا يجْرِي فِيهِ عبيده - مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا - وَمَا هَا هُنَا محرم وَلَا مُنكر بِحَمْد الله تَعَالَى، فَطَفِقَ ذَلِك الرجل يتشاهق، ويبكي بكاء شَدِيدا، وَالْجَمَاعَة ينظرُونَ إِلَيْهِ لَا يَدْرُونَ مَا الْخَبَر، وَصلى الْقزْوِينِي الظّهْر، فَلَمَّا فرغ من صلَاته خرج الرجل من الْمَسْجِد يُهَرْوِل حافياً، إِلَى أَن خرج من الحربية، فَلَمَّا قضى الْقزْوِينِي رُكُوعه الْتفت إِلَى أبي طَالب، فَقَالَ لَهُ: بَين الحربية والمشهد حَائِط وضع ليَكُون سوراً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute