للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منَّ الله تبَارك وَتَعَالَى بإكمال هَذَا الْكتاب، الطافح بِكَثْرَة جمعه على الْبَحْر الْعباب، الْجَامِع من كل شريدة وخريدة الْعجب العجاب، الآنق من الرَّوْض الأريض إِذا أرج زهره، الأبهى من العقد النظيم إِذا اتسقت لآلئه ودرره، الأسمى من الْأُفق الرفيع إِذا تلألأت دراريه وزهره. بنيت فِيهِ للنحاة طَبَقَات قواعدها على ممر الزَّمَان لَا تهي، وأحييت فِيهِ ميتهم فَلم أغادر شهيرا وَلَا خاملا إِلَّا نظمته فِي سلك عقده الْبَهِي، فَلَو رَآهُ الْبَيْهَقِيّ لخلع وشاحه بَين يَدَيْهِ توقرا، أَو ابْن الْأَبَّار لخلع عَلَيْهِ حلية السيرا، أَو ابْن بسام لأضحى عَابِسا لنفاد ذخيرته؛ أَو ياقوت الْحَمَوِيّ، لقَالَ: هَذِه الدرة الْيَتِيمَة الَّتِي لم يعَض عَلَيْهَا الْأَصْبَهَانِيّ حِين أَتَى بخريدته. على أَنِّي لَا أبيعه جمع سَلامَة، وَلَا أَدعِي أَنه لم يفتني فِيهِ فَاضل أَو عَلامَة، أَنى لي ونجباء الدُّنْيَا لَا تحصى، وأخبارهم شَتَّى لَا تستقصى {خُصُوصا عُلَمَاء الْعَجم الْمُتَأَخِّرين، فَإِنَّهُم ضيعوا أنفسهم بترك تَارِيخ يجمع شملهم. وَقد اعتنى بذلك المتقدمون من عُلَمَاء محدثيهم، فاستعنا بِمَا وقفنا عَلَيْهِ من تواريخهم؛ ككتاب بَغْدَاد للخطيب الْبَغْدَادِيّ، والذيل عَلَيْهِ لِلْحَافِظِ تَقِيّ الدّين بن رَافع، وتاريخي نيسابور للْحَاكِم ولعَبْد الغافر، وتاريخ جرجان للسهيمي، وتاريخ أَصْبَهَان لأبي نعيم. وَأما الْمغرب فأهله أَصْحَاب اعتناء شَدِيد بذلك، والنحاة بِهِ جمّ غفير، وَأكْثر مَا وقفنا عَلَيْهِ من تواريخهم تواريخ الأندلس، كتاريخ ابْن الفرضي وَابْن بشكوال وَابْن الزبير وَابْن عبد الْملك والريحانة لِابْنِ عَاتٍ، وتاريخ غرناطة لِابْنِ الْخَطِيب، وَأما غَيرهَا من بَقِيَّة بِلَاد الْمغرب فَلم نقف على شَيْء من تواريخه إِلَّا المُغرب فِي تَارِيخ بِلَاد الْمغرب لِابْنِ سعيد. وَأما الْحجاز فوقفنا من تواريخه على تَارِيخ مَكَّة للتقي الفاسي وَهُوَ مُتَأَخّر؛ لم يستوعب، وتاريخ الْيمن للجندي، وللخزرجي وَهُوَ حافل، وَأما الشَّام فوقفنا على تاريخها لِابْنِ عَسَاكِر، وَأعظم بِهِ} وتاريخ حلب لِابْنِ العديم؛ وَأما مصر فَلم نقف من تواريخها إِلَّا على تَارِيخ ابْن يُونُس، وَهُوَ مُجَلد لطيف.

وَهَذِه التواريخ الْمَذْكُورَة قد استوعبناها كلهَا، وَلم نَدع فِيهَا أحدا مِمَّن تحققنا أَنه نحوي إِلَّا ذَكرْنَاهُ، مَعَ مَا وقفنا عَلَيْهِ من التواريخ الَّتِي لَا تخْتَص بِبَلَد، كتاريخ الْإِسْلَام للذهبي وسير النبلاء وطبقات الْقُرَّاء لَهُ، والدرر لشيخ الْإِسْلَام ابْن حجر فِي أَعْيَان الْمِائَة

<<  <  ج: ص:  >  >>