قَالَ: وَهُوَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الزَّاهِد، فَخر الزَّمَان، علم الْعلمَاء، زين الرؤساء، إِمَام النظار، رَئِيس الْمُتَكَلِّمين، أحد عُلَمَاء الزَّمَان، الْمُتَصَرف أحسن التصريف فِي كل فن. أَصله من مرسية، لم يزل مشتغلا من صغره إِلَى كبره. وَله المباحث العجيبة، والتصانيف الغريبة، وَجمع الأقطار فِي رحلته، ارتحل إِلَى غرب بِلَاده ثمَّ الأندلس، ثمَّ الديار المصرية وَالشَّام والعراقين والعجم، وناظر وَقَرَأَ وأقرأ، واستفاد وَأفَاد، وَلم يزل يقرئ ويدرس حَيْثُ حل، ويقر لَهُ بِعِلْمِهِ وفضله فِي كل مَحل، وجاور بِمَكَّة كثيرا. سمع مِنْهُ الْحفاظ والأعيان من الْعلمَاء، وبالغوا فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ، وَآخر من روى عَنهُ أَيُّوب الكحال بِالسَّمَاعِ، وَأحمد بن عَليّ الْجَزرِي بِالْإِجَازَةِ، وَذكره القطب اليونيني فِي ذيل الْمرْآة وَأثْنى عَلَيْهِ؛ وَقَالَ: كَانَ مالكيا.
قلت لَكِن ذكره التَّاج السُّبْكِيّ فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة، وَذكره الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي فِي مُعْجَمه، وترجمه بالنحو وَالْأَدب وَالْفِقْه والْحَدِيث وَالتَّفْسِير والزهد. وَذكر أَن مولده فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة، وَمَات مُتَوَجها إِلَى دمشق بَين الْعَريش والزعقا، يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشر ربيع الأول سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة. وَقَالَ الذَّهَبِيّ: سمع الْمُوَطَّأ بالمغرب بعلو من احافظ أبي مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد الله الحجري، وَسمع من عبد الْمُنعم بن الْفرس.
روى عَنهُ الْمُحب الطَّبَرِيّ، والشرف الْفَزارِيّ، وَمُحَمّد بن يُوسُف بن المهتار.