للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيصدقونه ويوثقونه؛ قَالَ: وَولي معز الدولة شرطة بَغْدَاد مَمْلُوكا يُقَال لَهُ خواجا، فَبلغ أَبَا عمر وَهُوَ على الياقوتة، فَقَالَ: اكتبوا: " ياقوتة خواجا، الخواج فِي اللُّغَة الْجُوع "، ثمَّ فرع عَلَيْهِ بَابا، فاستعظم النَّاس من كذبه وتتبعوه، فَقَالَ [لي] أَبُو عَليّ الْحَاتِمِي: أخرجنَا فِي أمالي الحامض، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الخواج: الْجُوع.

قَالَ: وَكَانَ يُؤَدب ولد القَاضِي أبي عمر مُحَمَّد بن يُوسُف، فأملى عَلَيْهِ يَوْمًا نَحْو ثَلَاثِينَ مَسْأَلَة فِي اللُّغَة، وَذكر غريبها، وختمها ببيتين من الشّعْر.

وَحضر ابْن دُرَيْد، وَابْن الْأَنْبَارِي، وَابْن مقسم عِنْد القَاضِي، فَعرض عَلَيْهِم تِلْكَ الْمسَائِل، فَمَا عرفُوا مِنْهَا شَيْئا، وأنكروا الشّعْر، فَقَالَ [لَهُم] القَاضِي: مَا تَقولُونَ فِيهَا؟ فَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: أَنا مَشْغُول بتصنيف مُشكل الْقُرْآن، وَلَا أَقُول شَيْئا. وَقَالَ ابْن مقسم كَذَلِك، وَقَالَ أَنا مَشْغُول بالقراءات. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: هَذِه الْمسَائِل من مصنوعات أبي عمر، وَلَا أصل لَهَا فِي اللُّغَة؛ فَبَلغهُ ذَلِك، فَاجْتمع بِالْقَاضِي وَسَأَلَهُ [إِحْضَار] دواوين جمَاعَة من [قدماء] الشُّعَرَاء، سماهم، فَفتح القَاضِي خزانته، وَأخرج لَهُ تِلْكَ الدَّوَاوِين، فَلم يزل أَبُو عمر يعمد إِلَى كل مَسْأَلَة، وَيخرج لَهَا شَاهدا من كَلَام الْعَرَب، ويعرضه على القَاضِي، حَتَّى استوفاها، ثمَّ قَالَ وَهَذَانِ البيتان أنشدهما ثَعْلَب بِحَضْرَة القَاضِي، وكتبهما القَاضِي بِخَطِّهِ على ظهر الْكتاب الْفُلَانِيّ، فأحضر الْكتاب فَوجدَ الْبَيْتَيْنِ على ظَهره بِخَطِّهِ كَمَا قَالَ. فَبلغ ابْن دُرَيْد ذَلِك، فَمَا ذكره بِلَفْظَة حَتَّى مَاتَ.

وَكَانَ الْأَشْرَاف وَالْكتاب يحْضرُون عِنْده ليسمعوا مِنْهُ، فَجمع جُزْءا فِي فضل مُعَاوِيَة، فَكَانَ لَا يدع أحدا يقْرَأ عَلَيْهِ شَيْئا حَتَّى يَبْتَدِئ بِقِرَاءَة ذَلِك الْجُزْء، وَكَانَ إِبْرَاهِيم بن أَيُّوب ابْن ماسي ينفذ إِلَيْهِ كِفَايَته وقتا بعد وَقت، فَقطع عَنهُ ذَلِك مُدَّة، ثمَّ أنفذ إِلَيْهِ جملَة رسمه،

<<  <  ج: ص:  >  >>