للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنْدك إِلَى أَن يجيئني مَال لي بِبَغْدَاد، فأحمل إِلَيْك مَا تُرِيدُ، وأسترجع مَا عنْدك، فتمنَّع قَلِيلا ثمَّ أَجَابَهُ، فجَاء أَبُو هَاشم إِلَى زِنْفِيلجَة حسنَة مغشاة بِالْأدمِ، محلاة فملأها حِجَارَة وقفلها، وختمها، وَحملهَا فِي منديل، حَتَّى وَضعهَا بَين يَدَيْهِ. فَلَمَّا رأى منظرها وثقلها لم يشك فِي حَقِيقَة مَا ذكره، فوضعها عِنْده، وَأخذ عَلَيْهِ، فَمَا مَضَت مُدَّة حَتَّى ختم الْكتاب، فَقَالَ لَهُ: احْمِلْ مَالِي قبلك، فَقَالَ: انفذ معي غلامك حَتَّى أدفَع إِلَيْهِ، فأنفذه مَعَه، فجَاء إِلَى منزله وَكتب إِلَيْهِ رقْعَة فِيهَا: قد تعذر عَليّ حُضُور المَال، وأرهقني السّفر، وَقد أبحتك التَّصَرُّف فِي الزنفيلجة؛ وَهَذَا خطي حجَّة بذلك. وَخرج أَبُو هَاشم لوقته إِلَى الْبَصْرَة، وَمِنْهَا إِلَى بَغْدَاد، فَلَمَّا وقف مبرمان على الرقعة، استدعي بالزنفيلجة، فَإِذا فِيهَا حِجَارَة، فَقَالَ: سخر منا أَبُو هَاشم، لَا حيَّاه الله! واحتال على مَا لم يتم لغيره قطُّ.

وَكَانَ مبرمان مَعَ علمه سَاقِط الْمُرُوءَة، سخيفاًُ إِذا أَرَادَ أَن يمْضِي إِلَى بعد، طرح نَفسه فِي طبق حمال، وشدَّه بِحَبل، وَرُبمَا كَانَ مَعَه نبق أَو غَيره، فيأكل، وَيَرْمِي النَّاس بالنوى، يتَعَمَّد رُءُوسهم، وَرُبمَا بَال على رَأس الْحمال، فَإِذا قيل لَهُ يعْتَذر.

ولبعضهم يهجوه:

(صداع من كلامك يعترينا ... وَمَا فِيهِ لمستمعٍ بَيَان)

(مكابرةٌ ومخرقةٌ وبهت ... لقد أبرمتنا يَا مبرمانُ)

قَالَ الْمبرد: تلاميذ أبي رجلَانِ؛ أَحدهمَا يَعْلُو - وَهُوَ الكلابزي - يقْرَأ على أبي، ثمَّ يَقُول: قَالَ الْمَازِني، وَالْآخر مبرمان يقْرَأ عَلَيْهِ ثمَّ يَقُول: قَالَ الزّجاج، فيسفُل.

<<  <  ج: ص:  >  >>