فَأنى مذ نشأت وَأَنا أتشوق إِلَى كتاب يجمع أَخْبَار النَّحْوِيين؛ لمزيد اختصاصي بِهَذَا الْفَنّ؛ إِذْ هُوَ أول فنوني، وَالنَّوْع الَّذِي عنيت بِهِ قبل أَن تَجْتَمِع شئوني، فوقفت على طَبَقَات النُّحَاة الْبَصرِيين لأبي سعيد السيرافي؛ فَإِذا هِيَ كراسان، ثمَّ على كتاب مَرَاتِب النَّحْوِيين لأبي الطّيب عبد الْوَاحِد بن عَليّ الْحلَبِي اللّغَوِيّ؛ فَإِذا هُوَ أَربع كراريس. ثمَّ على طَبَقَات النُّحَاة لأبي بكر مُحَمَّد بن الْحسن الزبيدِيّ فَإِذا هُوَ جُزْء لطيف، ثمَّ على الْبلْغَة فِي طَبَقَات أَئِمَّة اللُّغَة للْقَاضِي مجد الدّين الفيروز آبادي صَاحب الْقَامُوس؛ وَهُوَ أَيْضا جُزْء لطيف.
فَلم أر فِي ذَلِك مَا يشفي العليل، وَلَا يسْقِي الغليل؛ فجردت الهمة فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة إِلَى جمع كتاب فِي طَبَقَات النُّحَاة، جَامع مستوعب للمهمات، وعمدت إِلَى التواريخ الْكِبَار الَّتِي هِيَ أصُول وأمات، وَمَا جمع عَلَيْهَا من فروع وتتمات، وطالعت مَا ينيف على ثَلَاثمِائَة مُجَلد.
من ذَلِك تَارِيخ بَغْدَاد لِلْحَافِظِ أبي بكر الْخَطِيب، عشر مجلدات، وَمن الذيل عَلَيْهِ لِلْحَافِظِ محب الدّين بن النجار، بضعَة عشر مجلدا، وَمن ذيله أَيْضا لِلْحَافِظِ أبي سعد السَّمْعَانِيّ، مُجَلد، وَمن ذيله أَيْضا لأبي عبد الله مُحَمَّد بن سعيد الدبيثي، مُجَلد، وَمن ذيله لِلْحَافِظِ تَقِيّ الدّين بن رَافع، مُجَلد، وتاريخ دمشق لِلْحَافِظِ أبي الْقَاسِم بن عَسَاكِر سَبْعَة وَخَمْسُونَ مجلدا، وتاريخ حلب للكمال بن العديم، عشر مجلدات.