للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يخدمونه لِكَثْرَة عطائه، وَكَانَت لَهُ دربة عَظِيمَة فِي السَّعْي حَتَّى يبلغ أغراضه، وَجَرت لَهُ فِي ذَلِك خطوب؛ وَفِي الْغَالِب ينتصر. وَكَانَ أَبوهُ يعجب بِهِ ويثنى عَلَيْهِ، وَقَالَ فِيهِ:

(دروس أَحْمد خيرٌ من دروس عَليّ ... وَذَاكَ عِنْد عَليّ غَايَة الأمل)

وَقَالَ أَيْضا:

(أَبُو حامدٍ فِي الْعلم أَمْثَال أنجمٍ ... وَفِي النَّقْد كالإبريز أخْلص فِي السبك)

(فأولهم من إسفرائين نشؤه ... وثانيهم الطوسي وَالثَّالِث السُّبْكِيّ)

وَأرْسل إِلَى وَالِده من مصر بحثا يتَعَلَّق بِالْعَرَبِيَّةِ، فَأَجَابَهُ عَنهُ، فَرد جَوَاب أَبِيه بكراسة، فَلَمَّا وقف أَبوهُ على الرَّد كتب عَلَيْهِ كتابا، صَدره بقوله: وقفت على جوابك أَيهَا الْوَلَد الَّذِي هُوَ أعظم من الْوَالِد.

وَقد ذكرنَا من فَوَائده وأبحاثه فِي الْعَرَبيَّة شَيْئا كثيرا فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى.

صنف: عروس الأفراح فِي شرح تَلْخِيص الْمِفْتَاح؛ أبان فِيهِ عَن سَعَة دائرته فِي الْفَنّ، وَشرع فِي شرح مطول على الْحَاوِي، وَشرح مطول على مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب، وكمل قِطْعَة على شرح الْمِنْهَاج لِأَبِيهِ. وَله النّظم الْفَائِق.

توفّي لَيْلَة الْخَمِيس سَابِع عشْرين رَجَب سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة.

وَمن شعره يمدح شَيْخه أَبَا حَيَّان من قصيدة:

(فداكم فؤاد حَان للبعد فَقده ... وصب قضى وجدا وَمَا حَال عَهده)

(وقلبٌ جريحٌ بالغرام متيمٌ ... وطرفٌ قريحٌ طَال فِي اللَّيْل سهده)

فَأَجَابَهُ الشَّيْخ أَبُو حَيَّان بقوله:

(أَبُو حامدٍ حتمٌ على النَّاس حَمده ... لما حَاز من علمٍ بِهِ بَان رشده)

(غذي علومٍ لم يزل مُنْذُ نشئه ... يلوح على أفق المعارف سعده)

(ذكي كَأَن قد جاحم النَّار ذهنه ... ذكاءً وَمن شمس الظهيرة وقده)

(وَمن حَاز فِي سنّ الْبلُوغ فضائلا ... زمَان اغتذى بالعي وَالْجهل ضِدّه)

<<  <  ج: ص:  >  >>