للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبرع فِي الْفُنُون، وَتخرج بِهِ خلق فِي أَنْوَاع الْعُلُوم، وناظر، وَأقر لَهُ الْفُضَلَاء، وَولي قَضَاء الشَّام بعد الْجلَال الْقزْوِينِي، فباشره بعفة ونزاهة، غير ملتفت إِلَى الأكابر والملوك، وَلم يُعَارضهُ أحد من نواب الشَّام إِلَّا قصمه الله تَعَالَى. وَولي مشيخة دَار الحَدِيث الأشرفية والشامية البرانية والمسرورية وَغَيرهَا؛ وَكَانَ محققا مدققا نظارا جدليا، بارعا فِي الْعُلُوم؛ لَهُ فِي الْفِقْه وَغَيره الاستنباطات الجليلة، والدقائق اللطيفة، وَالْقَوَاعِد المحررة الَّتِي لم يسْبق إِلَيْهَا، وَكَانَ منصفا فِي الْبَحْث، على قدم من الصّلاح والعفاف.

وصنّف نَحْو مائَة وَخمسين كتابا مطولا ومختصرا، والمختصر مِنْهَا لَا بُد وَأَن يشْتَمل على مَا لَا يُوجد فِي غَيره؛ من تَحْقِيق وتحرير لقاعدة، واستنباط وتدقيق؛ مِنْهَا تَفْسِير الْقُرْآن، شرح الْمِنْهَاج فِي الْفِقْه، نيل الْعلَا فِي الْعَطف ب " لَا "، الاقتناص فِي الْفرق بَين الْحصْر والاختصاص، التَّعْظِيم والْمنَّة فِي إِعْرَاب قَوْله تَعَالَى: {لتؤمنن بِهِ ولتنصرنه} ، كشف القناع فِي إِفَادَة " لَوْلَا " الِامْتِنَاع، من أقسطوا وَمن غلوا فِي حكم نقُول لَو، الرفدة فِي معنى وحدة، كل وَمَا عَلَيْهِ تدل، وَبَيَان الرَّبْط فِي اعْتِرَاض الشَّرْط على الشَّرْط، والتهدي إِلَى معنى التَّعَدِّي، وَغير ذَلِك.

توفّي بِمصْر بعد أَن قدم إِلَيْهَا، وَسَأَلَ أَن يولي الْقَضَاء مَكَانَهُ وَلَده تَاج الدّين فَأُجِيب إِلَى ذَلِك.

وَكَانَت وَفَاته سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة.

أسندنا حَدِيثه فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى، وَذكرنَا فِيهَا من فَوَائده النحوية والبيانية نَحْو خَمْسَة كراريس.

وَله ذكر فِي جمع الْجَوَامِع.

وَمن نظمه:

(إِن الْولَايَة لَيْسَ فِيهَا رَاحَة ... إِلَّا ثَلَاث يبتغيها الْعَاقِل)

(حكم بِحَق أَو إِزَالَة بَاطِل ... أَو نفع مُحْتَاج سواهَا بَاطِل)

<<  <  ج: ص:  >  >>