وللزمخشري فِيهِ:
(أَلا صلى الْإِلَه صَلَاة صدق ... على عَمْرو بن عُثْمَان بن قنبر)
(فَإِن كِتَابه لم يغن عَنهُ ... بَنو قلم وَلَا أَبنَاء مِنْبَر)
ورد سِيبَوَيْهٍ بَغْدَاد على يحيى الْبَرْمَكِي، فَجمع بَينه وَبَين الْكسَائي للمناظرة، فَقَالَ لَهُ: كَيفَ تَقول: قد كنت أَظن أَن الْعَقْرَب أَشد لسعة من الزنبور؛ فَإِذا هُوَ هِيَ؛ أَو هُوَ إِيَّاهَا؟ فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَإِذا هُوَ هِيَ، وَلَا يجوز النصب، فَقَالَ الْكسَائي: أَخْطَأت الْعَرَب ترفع ذَلِك وتنصبه؛ وَجعل يُورد عَلَيْهِ أَمْثِلَة؛ من ذَلِك: خرجت فَإِذا زيد قَائِم أَو قَائِما؛ وسيبويه يمْنَع النصب؛ فَقَالَ يحيى: قد اختلفتما، وأنتما رَئِيسا بلديكما، فَمن يحكم بَيْنكُمَا؟ قَالَ الْكسَائي: هَذِه الْعَرَب ببابك قد وفدوا عَلَيْك؛ وهم فصحاء النَّاس؛ فاسألهم، فَقَالَ يحيى: أنصفت، وأحضروا فسئلوا، فاتبعوا الْكسَائي، فاستكان سِيبَوَيْهٍ، وَقَالَ: أَيهَا الْوَزير، سَأَلتك إِلَّا مَا أَمرتهم أَن ينطقوا بذلك؛ فَإِن ألسنتهم لَا تجْرِي عَلَيْهِ؛ وَكَانُوا إِنَّمَا قَالُوا: الصَّوَاب مَا قَالَه هَذَا الشَّيْخ؛ فَقَالَ الْكسَائي ليحيى: أصلح الله الْوَزير {إِنَّه قد وَفد إِلَيْك من بَلَده مؤملا؛ فَإِن رَأَيْت أَلا ترده خائبا} فَأمر لَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم، فَخرج إِلَى فَارس.
وَقد أطلنا الْكَلَام فِي هَذِه المناظرة فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى، وَذكرنَا مناظرة وَقعت للكسائي مَعَ اليزيدي؛ وظلم فِيهَا كَمَا ظلم هُوَ سِيبَوَيْهٍ، وأحضر الْعَرَب، فَوَافَقُوا اليزيدي.
وَلم تطل مُدَّة سِيبَوَيْهٍ بعد ذَلِك؛ وَمَات بالبيضاء، وَقيل: بشيراز، وَقيل: غما بالذرب سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة. قَالَ الْخَطِيب: وعمره اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ سنة، وَقيل: نَيف على الْأَرْبَعين.
وَقيل: مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَقيل: سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ.
وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: مَاتَ بساوة سنة أَربع وَتِسْعين.
أسندنا حَدِيثه فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى، وتكرر فِي جمع الْجَوَامِع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute