٢١١٥ - يحيى بن زِيَاد بن عبد الله بن مَرْوَان الديلمي إِمَام الْعَرَبيَّة أَبُو زَكَرِيَّا الْمَعْرُوف بالفراء
قيل لَهُ الْفراء، لِأَنَّهُ كَانَ يفري الْكَلَام. روى عَن قيس بن الرّبيع ومندل بن عَليّ وَالْكسَائِيّ، وَعنهُ سَلمَة بن عَاصِم وَمُحَمّد بن الجهم السمري، وَحدث بكتبه.
كَانَ أعلم الْكُوفِيّين بالنحو بعد الْكسَائي، أَخذ عَنهُ وَعَلِيهِ اعْتمد، وَأخذ عَن يُونُس؛ وَأهل الْكُوفَة يدّعون أَنه استكثر عَنهُ، وَأهل الْبَصْرَة يدْفَعُونَ ذَلِك.
وَكَانَ يحب الْكَلَام ويميل إِلَى الاعتزال، وَكَانَ متديّنا متورّعا، على تيه وعُجْب وتعظّم، وَكَانَ زَائِد العصبية على سِيبَوَيْهٍ، وَكتابه تَحت رَأسه، وَكَانَ يتفلسف فِي تصانيفه، ويسلك أَلْفَاظ الفلاسفة. وَكَانَ أَكثر مقَامه بِبَغْدَاد، فَإِذا كَانَ آخر السّنة أَتَى الْكُوفَة فَأَقَامَ بهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا يفرق فِي أَهله مَا جمعه. وَكَانَ شَدِيد المعاش، لَا يَأْكُل حَتَّى يمسهُ الْجُوع، وَجمع مَالا خلّفه لِابْنِ لَهُ شاطر، صَاحب سكاكين.
وَأَبوهُ زِيَاد هُوَ الأقطع، قطعت يَده فِي الْحَرْب مَعَ الْحُسَيْن بن عَليّ. وَكَانَ مولى لأبي ثروان، وَأَبُو ثروان مولى بني عبس.
صنّف الْفراء: مَعَاني الْقُرْآن، الْبَهَاء فِيمَا تلحن فِيهِ الْعَامَّة، اللُّغَات، المصادر فِي الْقُرْآن، الْجمع والتثنية فِي الْقُرْآن، آلَة الْكتاب، النَّوَادِر، الْمَقْصُور والممدود، فعل وأفعل، الْمُذكر والمؤنث، الْحُدُود، مُشْتَمِلَة على سِتَّة وَأَرْبَعين حدا فِي الْإِعْرَاب. وَله غير ذَلِك.
مَاتَ بطرِيق مَكَّة سنة سبع وَمِائَتَيْنِ، عَن سبع وَسِتِّينَ سنة.
قَالَ سَلمَة بن عَاصِم: دخلت عَلَيْهِ فِي مَرضه، وَقد زَالَ عقله، وَهُوَ يَقُول: إِن نصبا فنصبا، وَإِن رفعا فرفعا.
روى لَهُ هَذَا الشّعْر - قيل وَلم يقل غَيره:
(لن تراني لَك الْعُيُون بِبَاب ... لَيْسَ مثلي يُطيق ذل الْحجاب)
(يَا أَمِيرا على جريب من الأَرْض ... لَهُ تِسْعَة من الحجّاب)
(جَالِسا فِي الخراب يحجب فِيهِ ... مَا رَأينَا إِمَارَة فِي خراب)