للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القُوَّاد الذين على الخيول أو أمراء الأجناد يقيمون الحدودَ في دار الإسلام؟! فكذلك هم إذا دخلوا دار الحرب». (١)

وقال الشافعي رحمه الله: «يقيمُ أميرُ الجيش الحدودَ حيث كانَ من الأرض؛ إذا وَلِيَ ذلك. فإنْ لم يولَّ: فعلى الشهود الذين يشهدون على الحدِّ أن يأتوا بالمشهود عليه إلى الإمامِ وَلِيِّ ذلك؛ ببلاد الحرب أو ببلاد الإسلام، ولا فرق بين دار الحرب ودار الإسلام فيما أوجب الله على خلقه من الحدود». (٢)

وقال أيضًا: «وما فعل المسلمون بعضُهم ببعضٍ في دار الحرب؛ لزِمَهُم حكمه حيث كانوا، إذا جُعل ذلك لإمامهم، لا تضع الدَّار عنهم حدَّ الله، ولا حَقًّا لمسلمٍ». (٣)

وبهذا يظهر اتِّفاقهم على اشتراط وجود الوِلاية الشَّرعية لإمام المسلمين أو من يُنيبه لإقامة القصاص والحدود.

وما عدا القصاص والحدود من الأحكام الشرعية؛ كأحكام النِّكاح والطَّلاق، والأَيمان والكفارات، والدِّيَات والمواريث، والبيوع والقروض، وسائر الأحكام؛ فالواجب على كلِّ مسلمٍ الالتزام بها، وأداء ما يجب عليه أداؤُه منها، لما تقدَّم شرحه من لزوم حقِّ العبودية لله والطاعة له والخضوع لشرعه على عباده أجمعين، في كل زمانٍ ومكانٍ، بحسب القدرة والاستطاعة:

قال الإمام الشافعيُّ رحمه الله: «في الأُسارى من المسلمين في بلاد الحرب يقتل بعضُهم بعضًا، أو يجرح بعضهم بعضًا، أو يغصِبُ بعضهم بعضًا، ثم يصيرون إلى بلاد المسلمين: إنَّ الحدودَ تقام عليهم إذا صاروا إلى بلاد المسلمين، ولا تمنع الدار حكم الله عزَّ وجلَّ، ويؤدُّون كلَّ زكاةٍ وجبتْ عليهم،


(١) «الرد على سير الأوزاعيِّ» (ص ٨٠)، و «الأم» (٧/ ٣٥٤) وط: دار الوفاء (٩/ ٢٣٦)، وانظر: «شرح السير الكبير» (٥/ ١٨٥١).
(٢) «الأم» (٧/ ٣٥٥) وط: دار الوفاء (٩/ ٢٣٧).
(٣) «مختصر المزَنِيِّ» (ص ٢٧٢).

<<  <   >  >>