للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالتْ أمُّ سلمة: [لما ضاقتْ علينا مكَّةُ، وأُوذي أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفُتِنُوا، ورَأَوا ما يُصيبهم مِنَ البلاء والفتنة في دينهم، وأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في منَعَةٍ مِن قَوْمِه، ومِنْ عمِّه، لا يصلُ إليه شيءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مِمَّا ينالُ أصحابَه، فقال لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ بأَرْضِ الحبَشَةِ مَلِكًا لا يُظلَمُ أحَدٌ عندَه، فالْحَقُوا ببلادِه، حتَّى يجعَلَ الله لكم فرَجًا ومخرَجًا مِمَّا أنتم فيه». فخَرَجنا إليها أَرْسالاً (١)، حتَّى اجتَمَعْنا بها]، فَلَمَّا نزَلَنا أرضَ الحبشة جاورنا بها خيرَ جارٍ: النجاشيَّ (٢)، أَمِنَّا على ديننا، [ولم نَخشَ منه ظُلمًا]، وعبَدْنا الله لا نُؤْذَى، ولا نسمع شيئًا نكرَهُهُ، فلمَّا بلَغَ ذلك قريشًا، ائْتَمَرُوا أنْ يبعثوا إلى النجاشيِّ فينا رجلَيْن جَلْدَيْن (٣)، وأن يُهْدُوا


(١) الأَرسال: جمع رَسَل، وهي الأفواجُ، والفِرَقُ المتقطعة التي يتبع بعضها بعضًا. «النهاية في غريب الحديث والأثر» (مادة: رسل).
(٢) النَّجاشيُّ: هو لقب ملك الحبشة، واسمه: أَصْحَمةُ بن أَبْجَر. وهو الذي آوى المهاجرين إليه، وأسلم على أيديهم، كما سيأتي في آخر هذا المبحث.
(٣) أي: قويَّين شديدَين.

<<  <   >  >>