للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالتْ: فواللهِ إنَّا على ذلك إذ نَزَل به ـ يعني: من ينازِعُه في ملكه (١) ـ. قالتْ: فوالله ما علمنا حُزْنًا قطُّ كان أشدَّ مِن حُزْنٍ حزَنَّاه عند ذلك، تخَوُّفًا أنْ يظْهَرَ ذلك على النَّجاشيِّ، فيأتيَ رجلٌ لا يَعرِفُ مِن حَقِّنا ما كان النَّجاشيُّ يعرفُ منه.

قالتْ: وسار النَّجاشيُّ، وبينهما عَرْضُ النِّيلِ. فقال أصحابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ رجُلٌ يخرجُ حتى يحضُرَ وقْعَةَ القوم، ثم يأْتِينَا بالخَبَرِ؟ فقال الزُّبير بن العوام: أنَا. قالت: وكان من أحدث القوم سِنًّا، فنفَخُوا له قِرْبةً فجعَلَها في صدرِه، ثم سَبَحَ عليها، حتَّى خرج إلى ناحيةِ النِّيل التي بها مُلتقَى القوم، ثم انطلق حتَّى حضَرَهم.

قالت: ودَعَوْنا الله للنَّجاشيِّ بالظُّهورِ على عدُوِّه، والتَّمكينِ له في بلادِه، [فهزَمَ الله ذلك الملكَ وقَتَلَه، وظهرَ النجاشيُّ عليه]، واسْتَوسَقَ (٢) عليه أمرُ الحبشةِ، [فجاءَنا الزُّبيرُ، فجَعَلَ يُلَيِّحُ إلينا بردائِه، ويقولُ: ألا أَبشروا، فقد أظهَرَ الله النجاشيَّ. فوالله ما علمنا فرَحَنَا بشيءٍ قطُّ فرَحَنَا بظهور النجاشيِّ]، فكُنَّا عنده في خيرِ منْزِلٍ، حتَّى قَدِمْنا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكَّةَ. وفي روايةٍ: ثمَّ أقمنَا عندَهُ حتَّى خرَجَ منَّا من خرجَ راجعًا إلى مكَّة، وأَقامَ مَن أَقامَ. (٣)


(١) عند ابن إسحاق: «فلم ينشب أن خرج عليه رجلٌ من الحبشة ينازعه في ملكه».
(٢) أي: اجتمع. عطفٌ على «دعونا».
(٣) أخرجه محمد بن إسحاق في «السِّير والمغازي» ص ٢١٣؛ قال: حدَّثَني محمَّد بن مسلم بن شهاب الزهريُّ، عن أبي بكرٍ بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أم سلمة بنت أبي أُميَّة بن المغيرة زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، به. ونقله ابن هشام في «السيرة النبويَّة» (١/ ٣٣٤).
وأخرجه أحمد في «المسند» (١/ ٢٠١:١٧٤٠) و ٥/ ٢٩٠:٢٢٤٩٨)، وابن خُزيمة في «الصحيح» (٢٢٦٠)، وأبو نُعيم في «دلائل النبوة» (١٩٤)، وفي «حِلية الأولياء» (١/ ١١٥)، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٩/ ٩)، وفي «دلائل النبوة» ٢ (/٣٠١)، =

<<  <   >  >>