للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجلٌ صالحٌ، فقُومُوا فصَلُّوا على أخيكم: أَصْحَمَةَ» (١).

٦ - ظهر ما بشَّر به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابه مِنْ عَدْلِ النجاشيِّ؛ في إصراره على الاستماع لدَعوَى طالبي اللُّجوء إليه، قبل الحكم عليهم، فذلك من إنصافه، ورجاحة عقله، وتمام عدله. وتحقُّق خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذا، رغم تباعد الديار؛ من دلائل صدق نبوَّته - صلى الله عليه وسلم - (٢).

٧ - إن كلمة جعفر بن أبي طالبٍ رضي الله عنه بين يدي النجاشي تضمَّنت ـ على وجازتها ـ تعريفًا جامعًا لأصول الدِّين وقواعده ومقاصده الكليَّة، وأول ذلك وأهمُّه: توحيد الله تعالى في العبادة، والبراءة من الشرك وأهله، واشتمال الدِّين على ما فيه صلاح النفس وتزكيتها، وحسن المعاملة مع الخلق، ويظهر فضل ذلك بتلك المقارنة التي ذكرها بين قبائح الجاهلية ومحاسن الإسلام.

٨ - التوسُّل إلى الملك بذكر ما وقع عليهم من الظلم والحيف، وباختيارهم له على من سواه، طمعًا في جواره، ورجاءً لعدله وإنصافه.

٩ - إنَّهم كانوا يذكرون ما لقوه هنالك من حسن المعاملة، وطيب الإقامة، على وجه الوفاء والثناء، والاعتراف بالجميل.

١٠ - ودلَّت هذه القصَّة على جواز دخول المسلمين في أمان غير المسلمين، والالتجاء إليهم طلبًا للحماية، إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وهذا مشروط ـ بلا ريبٍ ـ بأن لا يكون على وجه المناصرة لمن يحارب الإسلام والمسلمين، وأن لا يكون في إقامته بينهم إضرارًا بدول المسلمين ومصالحها، فلا يتَّخذُ البلدَ الذي لجأَ إليه قاعدةً له ومنطلقًا للتَّآمر والكَيْد والمَكْرِ والخيانة لبلاد المسلمين.


(١) أخرجه البخاريُّ في «الصحيح» (١٣١٧)، ومسلم في «الصحيح» (٩٥٢) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(٢) لهذا عدَّ العلماء قصة الهجرة إلى الحبشة من دلائل النبوة، منهم: أبو بكر البيهقي في «دلائل النبوة» (٢/ ٢٨٥).

<<  <   >  >>