للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورسوب الدر وطفو الغثاء معنى قد تداولته الشعراء واكثروا فيه - قال ابن الرومى -

جيف أنتنت فأضحت على أل ... جّة والدرّ تحتها في حجاب

وينسب شعر المعالي شعر فيه:

أما ترى البحر يعلو فوقه جِيَف ... ويستقر بأقصى قعره الدرر

فللزوم الدرر ومخبإه القرار - وقد قيل فيما ورد من الاثار - ابتغوا الروق في خبايا الارض أيها الغواص في البحار فان الصدف مما خبأته الارض عن الاعين - كما قيل في انها الجواهر في المعادن او ما دفن من الأموال في الدفائن - وقيل الريوع مما خبئ بالحراثة في بطنها - قال -

اقول لعبد الله لما لقيته ... يسير بأعلى الرقمتين مشرقا

تتبع خبايا الارض وادع ملكيها ... لعلك يوما أن تجاب فترزقا

قال عبد الله بن جدعان فقد خبيئة البئر ما كانت خبأتها من الذهب في جرابها ولم يخرجه غيره من المطلعين فيها اذ كانوا يظنون انها صخرة بارزة من حائط البئر كاالراعونات العظام الباقية فيها فاتفق لعبد الله أن تأمل ماءها فرأى فيه الجانب الأسفل منه متلألأ بالذهبية فتمول بمكانه - وقال في ذلك:

أبغي خبايا الجد في شرفاتها ... وأدب تحت الأرض بالمصباح

الجد اسم تلك البئر - وكان عروة بن الزبير يقول لعبدج الله بن شهاب - مالك ارض اما سمعت قول الشاعر (تتبع خبايا الارض وادع مليكها) - وكذلك تشبيههم الكؤوس بالدر وقشور اللئ مستحسن اللفظ مستهجن المعنى فان المطلوب في الكؤوس هو الشفاف ليرى من خارج ماوراءها من غير اطلاع فيها يوهم بفطن مستقر فيه من مطالعة وليس في اللؤلؤ هذا الشفاف المقصود قال - ابن المعتز -

مزج من الذهب المذاب يضمه ... كأس كقشر الدرة البيضاء

وقال أبو نواس -

كأنما أوجههم رقة ... لها من اللؤلؤ بشار

وقال أيضا:

ظبى كأن الله ألب ... سه قشور الدر جلدا

وترى على وجناته ... في أي حين شئت وردا

وقال الصنبورى:

ماء عقيق بحت يطاف به ... إناؤه ماء لؤلؤ بحت

وقال آخر غير المشف:

كأنما أقداحنا فضة ... قد بطنت بالذهب الاحمر

وقال ابن الرومى:

هو الورس في بيض الكؤوس فان بدت ... لعينك في بيض الوجوه فعندم

وقال إبراهيم النظام:

يسقى بلؤلؤة في جوف لؤلؤة ... من كف لؤلؤة فاللون حسّىُّ

ماؤ وماء وفى ماء يديرهما ... ماء جرى فيهما والفكر وهمىُّ

وقال آخر

كأن كأسّهم من قشرة لؤلؤة ... والماء من فضة والخمر من ذهب

وتشبيه الماء بالفضة شر من ذلك والبلاء فيه من تسويتهم بين العديم اللون كالماء الزلال وكالبلور وبين الأبيض كالبن والحجر الابيض كالمينا ووصفهم لكل الصنفين بالبياض وكلهم فى هذا عيال على أبي نواس (الذي) أصمى واشوى في قوله -

فالخمر ياقوتة والكاس لؤلؤة ... في كف لؤلؤة ممشوقة القد

وعلى عبد الله بن المعتز في الذهب المذاب بقوله -

وزنا لها ذهبا جامدا ... فكالت لنا ذهبا سائلا

وقال آخر

أو فيه خلاص التبر وزنا ... فيسكبه ويعطينيه كيلا

وقال آخر

اقول لما حكتها شبها ... أيهما للتشابه الذهب

هما سواء والفرق بينهما ... جماد هذا وذاك منسكب

وقول آخر

يطوف بإبريق عينا مفدم ... فيسبك في أقداحنا ذهبا رطبا

وقال ابو تمام

اوردة بيضاء بكرا أطبقت ... حبلا على ياقوتة حمراء

وقد زاد على الدرة ذكر البكارة المقرون أمرها بالدم والحبل الممسك في الداخل دم الطمث وفيهما وقت الشراب وكذلك قول آخر على حسنه -

كأنها والمزاج يقرعها ... تبتلع الدر ثم تقذفه

فالبلع والذقف يؤدى ساعة الشرب الى القذف والتهوع وليس هذا بمضاه لتشبيههم الشراب بقشور اللآلئ فان الدر المركب من البياض وسمة من الصفرة ووفور البريق مما يحمد مثله في البشرة ولا يحتاج معه الى استشفاف ما وراءها - قال نصيب -

كأنما خلقت من جلد لؤلؤة ... في كل ناحية من حسنها قمر

وقال مانى

كأنما بشره من قشر لؤلؤة ... بَرى المُقرف عنها جلدة الصدف

<<  <   >  >>