للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالإعراض عن تلاوتها وكتبها في المصحف ١، فتندرس على مر الأيام كسائر كتب الله القديمة التي ذكرها الله في كتابه في قوله: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} ٢، ولا يعرف اليوم منها شيء ٣.

وأما ما احتج به الشيخ رشيد من وجوب ثبوت القرآن بالتواتر؛ فنعم، لكن ليس المقام مقام إثبات القرآنية، بل إثبات النسخ، وهو لا يحتاج إلى التواتر، على أنه متواتر كما ذكرت، ولا يقول أحد بقرآنية المنسوخ، وبصحة التعبد بقرآته، ليلزمه ذلك، فإثبات النسخ شيء وإثبات القرآنية شيء آخر ٤.

وأما طعنه في الأحاديث ـ ولو في الصحيحين ـ فهو تعدٍ ومجازفة، وسوف أفصل وأرد على موقفه هذا في الكلام عن السنة كمصدر من مصادر التلقي ـ إن شاء الله ـ.

وأما الحكمة في ذلك ـ والتي خفيت على الشيخ رشيد ـ فقد بين العلماء بعضها ٥، ولا بد أنه يخفى على الجميع بعضها ـ فالله تعالى ذو الحكمة البالغة.

والذي ظهر لي والله أعلم ـ أن هذا يجري على سنة الله تعالى في الاختبار وامتحان المؤمنين، ليعلم الراسخين في العلم والإيمان ويتميز هؤلاء عن غيرهم من ضعاف الإيمان والعلم، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ


١ وقد رفض النبي (أن يستكتب عمر رضي الله عنه آية الرجم، انظر: أحمد: المسند (٥/١٨٣) والنسائي: الكبرى (٤/٢٧٠/ ٧١٤٥) والحاكم (٤/٤٠١) وصححه وأقره الذهبي. وانظر: الألباني الصحيحة (٦/ ٩٧٤)
٢ سورة الأعلى: الآية (١٩)
٣ انظر: السيوطي: الإتقان (٣/٧٥)
٤ انظر: مناع القطان: مباحث في علوم القرآن، ط. المعارف، الرياض (ص:٢٣٨) والألباني: الصحيحة (٦/٩٧٠ـ ٩٧١)
٥ انظر: السيوطي: الإتقان (٣/٧٢)

<<  <   >  >>