لا نستطيع أن نتناول بحث عقيدة أو فكر إنسان دونما نظر إلى الظروف والأحوال التي لا بست نشأته وحياته، إذ أن ذلك على الأقل سيفسر لنا كثيراً من الآراء التي تبناها والمواقف التي اتخذها حيال قضايا ومسائل بعينها. إن الإنسان لا يستطيع أن ينمو بمعزل عمن حوله، ولا بد أن يتأثر بالبيئة والظروف التي نشأ فيها، إما إيجاباً بأن يخضع لها ويسير في اتجاه ريحها، أو سلباً بأن يرفضها ويتخذ منها موقفاً معارضاً، راغباً في إصلاحها.
لذلك فإنني سأتحدث فيما يلي عن الحالة السياسية في الفترة التي عاش فيها الشيخ رشيد، وكذلك الحالة العلمية والدينية، غير أني سأقتصر في هاتين الأخيرتين على الحديث عن مصر والشام فقط، حيث إن الشيخ رشيد لم يعش إلا فيهما. ولم يتأثر علمياً ودينياً إلا بالحالة العامة فيهما. أما السياسية فلا بد أن أحوال الدولة العثمانية السياسية قد أثرت في هاتين الولايتين فكان لا بد من إضافة مطلب ثالث للحديث عنها.