للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الأول: منهج رشيد رشا لليوم الآخر]

[تمهيد]

...

[تمهيد]

لما كانت الطبيعة البشرية فيها الاستعداد للخير والشر: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} ١ فقد يطغى أحد الجانبين على الآخر، وقد يكون الغالب هو جانب الشر بدافع الشهوات والغفلة، والتي غالباً ما تجمح بصاحبها إلى تجاوز الحدود والتعدي على الآخرين.

وواقع الحال يبين لنا كثيراً أن ممن ارتكب جرائم التعدي في حق غيره وأوقع الظلم بهم، قد غادر الحياة مع المظلوم، قبل أن يأخذ هذا الأخير حقه منه: ولما كانت عدالة الله تعالى تقتضي القصاص وأن يأخذ المظلوم حقه من الظالم، كان لا بد من حياة أخرى غير هذه الحياة يقع فيها القصاص وهو {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} ٢ كما قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} ٣ وقال: {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} ٤.

ولكن كثيراً من الناس قد ضلوا في هذا الباب، فأنكر قوم البعث جملة واستبعدوه، وأثبته قوم، ولكنهم سلكوا في إثباته طرقاً مختلفة، فالمتكلمون ـ من المسلمين ـ يرون أن الدليل عليه لا يكون إلا سمعياً وأن العقل لا حظ له في ذلك إلا مجرد بيان عدم الامتناع. وأما القرآن الكريم


١ سورة الشمس، الآية (٧ ـ ٨)
٢ سورة المعارج، الآية (٤٣)
٣ سورة المؤمنون، الآية (١١٥)
٤ سورة القيامة، الآية (٣٦)

<<  <   >  >>