للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثامن: الصلاح والأصلح]

هذه المسألة من المسائل التي كانت محل نزاع بين المعتزلة والأشعرية، وهي مترتبة على ما قبلها، لأن من جعل العقل حاكماً يقبح القبيح ويحسن الحسن؛ فإنه يقول بقبح بعض الأفعال منا ـ تعالى ـ ووجوب بعضها عليه ـ وبناءً على ذلك اشتهر عن المعتزلة قولهم بوجوب فعل الصلاح والأصلح عليه تعالى، كما اشتهر عن الأشعرية القول بعدم وجوب ذلك. فانقضت المعتزلة على أن كل فعل من أفعال الله تعالى لا يخلو من الصلاح والخير، لأنه حكيم، ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد، وليس ذلك فحسب، بل إن الله تعالى فعل بعباده من الصلاح ما لا يقدر أن يزيد عليه، فليس في الإمكان أبدع مما أمكن ١.

ومما يوضح هذه المسألة، ويصور الخلاف فيها بين المعتزلة والأشعرية، المناظرة التي جرت بين أبي الحسن الأشعري، وشيخه الجبائي ٢، فقد قيل: أن الأشعري سأل أبا علي الجبائي عن ثلاثة أخوة،


١ انظر: عبد الجبار: المغني في أبواب العدل والتوحيد (١٤/ ٣٥) ، والشهرستاني: المل والنحل (١/ ٣٩) ، ونهاية الإقدام (ص: ٣٩٨) ، وزهدي حسن: المعتزلة (ص: ١٠٢) ، وانظر أيضاً: الأشعري: المقالات (١/ ٣١٤) وما بعدها، والسافريني: لوامع الأنوار (١/ ٣٣٢)
٢ هو شيخ المعتزلة، وصاحب التصانيف، أبو علي محمد بن عبد الوهاب البصري، كان على بدعته ـ متوسعاً في العلم ـ مات سنة ٣٠٣هـ بالبصرة. السير (١٤/ ١٨٣)

<<  <   >  >>