للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: الحاجة إلى الوحي والنبوة]

لا شك أن النبوة ضرورة من ضرورات حياة البشر، لا غنى عنها بحال من الأحوال، فحاجة البشرية إلى النبوة، كحاجة الحياة إلى الروح، وأنهم ـ أي الرسل ـ من الأمم بمنزلة العقول من الأشخاص. قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ مبيناً حاجة العباد إلى الأنبياء والرسل: " ... ومن ههنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به، وطاعته فيما أمر، فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيل إلى معرفة الطيب من الخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا ينال رضى الله البتة إلا على أيديهم ... فأي ضرورة وحاجة فرضت، فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير ... " ١.

وقد ذهب قوم إلى أن البشر يستغنون عن الدين في انتظام شملهم وقوام مدنيتهم وأن الإنسان يمكن أن يصل بعقله إلى ما فيه سعادته من غير وحي إلهي ولا إرشاد سماوي اكتفاء بالعقل والمشاعر والوجدان والإلهام التي وهبها له مدبر الكون ٢. ويقولون أيضاً: ها هو ذا الدين الذي يقال أنه جامع الكلمة ورسول المحبة كان سبباً في الشقاق والخلاف ٣.


١ زاد المعاد (١/ ٦٩) .
٢ انظر: مجلة المنار (١/ ٢٤٣)
٣ انظر: المصدر نفسه (١/ ٢٨٩)

<<  <   >  >>