للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الخامس: مظاهر الشرك]

وقد تناول الشيخ رشيد رحمه الله في كتاباته مظاهر الشرك في القديم والحديث ـ وقارن بينها، ودعا إلى نبذها، والعودة إلى التوحيد الخاص لأنه أساس الإصلاح ١، وحارب الشيخ الوثنية الحديثة بكل مظاهرها.

ونأخذ من هذه المظاهر التي تكلم عليها الشيخ ما يلي:

أولاً القبور:

تقدم قبل قليل أن أصل الشرك وسببه هو الغلو في الصالحين، وقد رأينا الدليل على ذلك حتى من كتاب الله تعالى، وكيف أنه ـ كذلك ـ نهى عن الغلو. ومن هذا الغلو: الاعتكاف على قبور المشهورين بالنبوة أو الصحبة أو الولاية، وشد الرحل إلى زيارتها لأن الناس يعرفون الرجل الصالح وبركته ودعاءه فيعكفون على قبره، ويقصدون ذلك، فتارة يسألونه وتارة يسألون الله عنده، وتارة يصلون ويدعون الله عند قبره ٢.

ولما كان هذا بدء الشرك سد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الباب، ونهى عن اتخاذ القبور مساجد، وعن تشييد القبور والمبالغة في تعظيمها واتخاذ السرج عليها.

ولكن ـ وبكل أسى ـ فقد وقع في الإسلام من ذلك ما وقع وعمت به البلوى، فاتخذت القبور مساجد وقصد أصحابها، واعتقد أنهم ينفعون ويضرون، ويحج إليها. ومن هؤلاء من يظن أن القبر إذا كان في مدينته أو قريته فإنهم بركته يرزقون وينصرون، وأنه يندفع عنهم الأعداء والبلاء بسببه ٣.


١ انظر: ابن تيمية: الرد على البكري (ص: ٥٥)
٢ المصدر نفسه.
٣ ومع ذلك فإن بلاد المسلمين ـ والتي لا تكاد تخلو من هذه البوى ـ قد وقعت جميعاً طعمة سائغة في أيدي أعدائها ـ ولم تسلم من ذلك إلا الأرض التي خلت من هذه القبور. انظر: ابن تيمية: الرد على الأخنائي (ص: ٨١) والرد على البكري (ص: ٣٧٦ ـ ٣٧٧)

<<  <   >  >>