للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهؤلاء الذين يحجون إلى القبور يقصدون ما يقصده المشركون الذين يقصدون بعبادة المخلوق ما يقصده العابدون لله. فمنهم من يقصد قضاء حاجته وإجابة سؤاله. وهو يقول: هؤلاء أقرب إلى الله مني فأنا أتوسل بهم وهم يتوسطون لي في قضاء حاجتي، وقد ينذر لهم ليرضيهم كما يتقرب المسلمون بما يتقربون به إلى الله من الصدقات والضحايا ١.

وقد نهى النبي عن اتخاذ القبور مساجد، وتواتر هذا المعنى عنه صلى الله عليه وسلم ومن الأحاديث التي وردت في النهي عن ذلك؛ قوله صلى الله عليه وسلم:

"لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ٢. وقوله: " ... ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" ٣.

وقوله: "اللهم لا تجعل قبري وثناً، لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ٤.

وغيرها من الأحاديث التي لا تحتمل ولا التشكيك، ومع ذلك فقد وقع في الأمة ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم.

يقول الشيخ رشيد عن القبور مقارناً بينها وبين أصنام وأوثان الجاهلية: " ... وقد يظن من أشرك بعض الأولياء مع الله تعالى هذا النوع من الإشراك أن هذا التوبيخ لا يوجه إليهم، وأن هذه الحجة لا تقوم عليهم، لأن أولئك كانوا يدعون جماداً وشجراً لا يعقل، وهم يدعون أولياء وصلحاء، لأمواتهم حكم الشهداء في الحياة، وهم يقصدون قبورهم ويعظمونها، لأن لأرواحهم


١ انظر: ابن تيمية: الرد على الأخنائي (ص: ٩٠ ـ ٩١)
٢ البخاري: الصحيح، ك: الجنائز، باب: ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، ح: ١٣٣٠ (٣/ ٢٣٨)
٣ مسلم: الصحيح، ك: المساجد، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور، ح: ٥٢٨، (١/ ٣٧٥)
٤ أحمد: المسند، ح:٧٣٥٢ (٢/ ٢٤٦) ط. وقال القاضي أحمد شاكر: إسناده صحيح. المسند (١٣/ ٨٦) ط. دار المعارف بمصر.

<<  <   >  >>